شؤون فلسطينية : عدد 154-155 (ص 42)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 154-155 (ص 42)
- المحتوى
-
استجابة الدولة العثمانية لمطالبهما. فاذا كان ممكناً لرفيق العظمء أن يستمر حتى بداية
الحرب بالمناداة بضرورة الاصلاح في إطار الدولة العثمانية» على أساس احتفاظ الولايات
العربية بحكم أقل مركزية, وان تأخذ الدولة بعين الاعتبار الخصوصيات الثقافية للجنس
العربي» فان المجزرة الرهيبة التي شكلت محكمتها في عالية» وراح ضحيتها عدد كبير من
رموز وشخصيات الحركة القومية(*'), كانت كفيلة باطاحة ما تبقى من هذه الاوهام التي
كانت تغذي بعض اصحاب هذه الدعوة. وهكذاء كان على كلا الحركتين ان تلتقيا مرة أخرى.
ولكن هذه المرة ليس تحت مظلة الحفاظ على الدولة العثمانية» وانما تحت راية الثورة» وتزع
المشروعية الايديولوجية التي تبرر بقاء حكمها وسيطرتها على المنطقة.
لقد امتزجت السلفية والقومية في صياغة توفيقية جديدة بداية لعلاقة من الصراع
والتوتر تركت بصماتها على التاريخ العربي الحديث.
لقد عكس البيان الأول الذي اصدره الشريف حسينء قائد الثورة العربية الكبرى» طابع
هذا الامتزاج بين السلفية والقومية؛ على الصعيد الايديواوجي, لتبرير مشروعية الثورة. غير
اننا يمكن ان نلحظ ان هذه الثورة التي ضمت الى جانبها معظم الشخصيات التي لعبت دوراً
سابقاً ف التحريض على المطالب القومية؛ وبرغم الملايسات العديدة التي رافقت نشأتهاء فانها
عند ذكر الاسباب التي دعت إلى قيام الثورة» لم نجد بدا من صياغة ذلك؛ صياغة سلفية,
تشدد على مبررات دينية لاسقاط مشروعية الخلافة العثمانية("؟). لكن هذا التشديد على
الطابع السلفي الدينيء لم يكن يعكس, في الواقع؛ المشروع الحقيقي الذي كانت تطمح إلى
تحقيقه, أو قامت من أجله الثورة الكبرى. إذ ان التشديد على الطابع الايديولوجي الديني؛
كان يقتضيه حس براغماتي ما زال يرى الاهمية والشمولية التي تتمتع بها الايديولوجية
السلفية, باعتبارها تنطوي على جواذب تجعلها قادرة على تحريك أوسع قدر من الرآي العام
حولهاء باعتبارها لا تمثل ايديولوجيا فئة: وانما تعبر عن وحدة الامة جمعاء(!").
وهكذا يمكن القول ان المبررات الايديولوجية التي طّرحت في سياقها الثورة الكبرى» لم
تكن, في الحقيقة, تعكس الطابع الفعلي للثورة التي كانت تمثل في حركة قومية تهدفء في
الأساس. إلى تحقيق الاستقلال القومي عن الحكم العثماني. لكن هذا التزاوج في طرح
مبررات ايد يولوجية دينية لحركة قومية في أصولهاء لا يجب النظر إليه ببساطة: ذلك انه يخفي
في طياته, جذور الاشكالية التاريخية, التي سيجري فيها تاريخ العلاقة بين الحركتين» وهي
الاشكالية التي ظلت تسم العلاقة بينهما بالحدّة والتوتر.
لقد أدى الانهيار المبكر للمشروع السياسي الذي رفعته الثورة العربية الكبرى إلى توجيه
ضرية قاصمة للحركة القوبية العربية وهيء بعدء في طور الحداثة(؟")؛ ولكن لتطرح أمامهاء
في ذات الوقت, عناصر تحد من نوع جديدء وذلك مع اقتسام الاستعمارين, البريطاني
والفرنسي. الأجزاء العربية فيما بينهما. وعلى الرغم من الاختلاف الذي يمكن ان ينشا في
تفسير الانهيار المبكر الذي تعرضت له الحركة القومية, فاننا ستكتفي بالتطرق إلى بعض
جوانب هذا الوضع الذي رافق انحدار الحركة القومية, دون الخوض في التفاصيل.
ان الملاحظة الاولى التي يمكن تسجيلهاء هناء بعد الحرب العالمية الأولى» هي انفراط
عقد الحركة القومية؛ وتشتتهاء ليس على مستوى الدول أو الكيانات السياسية التي انبثقت
من تجزئة المنطقة, وانما على مستوى الحركات والتنظيمات السياسية ذاتها(”"). لقد تجلى
كك - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 154-155
- تاريخ
- يناير ١٩٨٦
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22438 (3 views)