شؤون فلسطينية : عدد 172-173 (ص 84)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 172-173 (ص 84)
- المحتوى
-
سح ادب قريشمان وصراع النفس اليهودية
الاب احزانه, التى تفجرت في نفسه بعد طرد ابنته» يهرع الى حجرة صلاته ليصي عليها صلاة الميت
ليوهم نفسه ان فتاته لم تخن شريعته وانها قد انتقلت إلى عالم الموتى. وبالطبعء فان هذا الملقس
الوهمي لم يقف على حنين الاب الى فتاته. فبعد ان تعود الفتاة من مرحلة طويلة الى قصر زوجها في
مسقط رأسهاء يسعى الاب اليها وقلبه مشتعل بالشوق والحنين الذي هزم صرامة الشريعة في رأسه.
غير ان الابنة هي التي تطرده هذه المرة؛ ليعود الى بيته في الغيتى مهموماً كسير النفس لايام قليلة
تفيض بعدها روحه كمخرج وحيد لعذابه ومعاناته التي ولدها انقياده للحظة معينة لتعاليم الشريعة
الصارمة, وهى الأمر عينه الذي يحدث للام الارملة في القصة السايقة.
«تلاوة عيد شفوعوت» :واذا كان الخبل؛ او الموتء هما المخرج بالنسبة الى الام والأب في القصتين
السابقتين, فان القصة الثالثة تقدم مخرجاً ثالثاً يبدى هى الاخرء طبيعياً ومتفقاً مع شخصية البطل
ومكوناته الدينية» وهى مخرج اجترار المأساة وربطها بالتلاوات المقدسة, وكأن احداث المأساة التي
تقع للاب في القصة الثالثة, عندما يهجر ابناؤه جميعاً حياتهم في الغيتى احداث مقدرة سلفاًء ومسجلة
مقدماً قبل وقوعها في الكتب الشرعية.
في هذه التلاوات يجد الاب عزاءه وسلواه. ولكن العزاء والسلوى» هذاء ليسا حلا حقيقياً للصراع ,
بل هما مجرد مخرج لاحزان الرجل» ووسادة تستقبل دموعه.
والقصة بهذا التركيب تتطابق» تماماًء مع عنوانها «تلاوة عيد شفوعوت». ومن خلال هذا الشكل
الفنى» يعرض فريشمان تفاصيل الحدث وشكل الماساة التي يعيشها الآب. ففي الليلة الاولى من ليالي
عيد شفوعوت يجلس الاب اليهودي الارتوذكسي ليتلى التلاوات المقدسة المقررة في كتب الصلوات لهذه
الليلة من العيد لتستدعي في ذاكرته شريط المأساة التي مرت به. يبدا الاب بتلاوة من سفر التكوين:
«وقلنا لسيدنا أن لنا ابا هرماً وطفلاً صغيراً ولد له في سن متأخرة ومات وبقي هو وحده لابية وامه وأبوة
يحبانه». ويتذكر الاب ابنه الاصغر الذي كان آخر من يهجر البيت: كما فعل اخوته من قبل. ٠ وتتجمع
في نفس الرجل مشاعر الحزن لفقد ابنه الاصغر الذي هجر دينه والتحق بمعابد اخرى غريبة؛ تاركاً
لابيه مشاعر الفراغ والحسرة لفقده. ويعود الرجل الى التلاوة: «ليوقر كل منكم اباه وامه ولتحفظوا
شريعة السبت وتصونوهاء (لاديين» 3). وتستدعي هذه الكلمات ذكريات حزينة في نفس الرجل.
فلقد كان اولاده الكبار يتمتعون بقسط ضئيل من الاحترام له ولعتقداته. فهجروا بيته ورحلوا الى
المدينة الواسعة, وهناك اعتادوا على انتهاك شريعة السبت. ثم تبعهم اخوهم الاصغر لتقل خطاباته
لابيه يوماً بعد يوم. ويتذكر الاب يوم كان يتفرج خلاله على عملية شنذق بعض الثوار البولنديين
ليكتشف ان آخر الصاعدين الى منصة الشنق هو ابنه الاصغر. ويسقط هو وزوجته الواقفة الى جواره
على الارض في حالة اغماء. يفيق هو منهاء غير ان زوجته لا تفيق الى الابد. ويعوب الرجل الى التلاوة:
«وقالت راعوت حيثما تذهبين سأذهب وحيثما تسكنين سأسكن. لا يفرقني عنك سوى الموت» (راعوت,
.)١1715-١ ويعود الرجل الى ذكرياته. فلقد كانت لديه هى الآخر ابنة تربت على تقديسه ومحبته,
ولكنها لم تكن محصنة ضد سهام الحبء وكان حبيبها غير يهودي. انها لم تعبر الخط الفاصل بين
الغيتى وبين الحياة الواسعة؛ ولكنها فضلت ان تموت مع حييبها غرقأء حتى لا تنتهك الشريعة وحتى
لا تفقد حبييها.
ويطلع الفجر وينتهي موعد التلاوة ويستقبل الغيت صباح العيد بجو من الاحتفال الديني ويُّنحّي
الرجل احزانه جانياً وببسط تجاعيد الحزن المرتسمة على وجهه طول الليل. فهذا صباح الرب قد جاء:
والحزن فيه ممنوع بأمر الشريعة. ولا يكون المعنى الذي يتلقاه القارىء من هذه النهاية للقصة
العدد ,١0/5 ١775 تموز/ آب (يوليو/ اغسطس ) 158177 دون فلسطيفية م - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 172-173
- تاريخ
- يوليو ١٩٨٧
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 39476 (2 views)