شؤون فلسطينية : عدد 128 (ص 103)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 128 (ص 103)
المحتوى
متوترة» وقد صور غسان كنفاني هذه العلاقات في كل رواياته» وكانت في أغلبها تتسم
بالعدوانية ومحاصرة البطل. ففي «رجال في الشمس». يطبق المكان على الأبطال حتى يلقي
بهم جثثاً فوق القمامة؛ وفي ا الى حيفاء يتحوّل الى سوط تأنيب ويصبح كلّ مشهد
يشاهده البطلان وخزة ضضمير؛ وفي «أم سعد» يصبح مكتب الراوي سجناً؛ .كما. يتحول
منزل سعاد في «برقوق نيسان» الى مصيدة. ولكن, الى جانب المكان المعادي, يوجد المكان
الذي يتعاطف مع البطل ويحميه ونراه بخاصة في رواية «ماتبقى لكم»؛ حيث تنقذ
الصحراء حامد 5 العاشق الصوفي الذي تجاوز في عشقها كلّ انتماءاته السابقة؛ تنقذه
من أدران الماضى التى أحاطت به مدة ست عشرة سنة» ومن الشعور بالذل والاستسلام.
كما نرى التلال تحمي العاشق في رواية «العاشق» من براثن الكابتن بلاك رغم اصراره
العنيد في البحث عليه.
ان تصوير المكان2» هذا المقوم الكلاسيكي الأساسي في الروايات الواقعية, يفقد
الكثير من سماتهء فهو في روايات غسان كنفاني ليس مجرّد اطار للأحداث؛: ولاهى مجرّد
عامل من عوامل ايهام القارىء بواقعيتهاء وليس هى مجرد مستقر للبطل بل هو عنصر
37 للحركة. هى قوة فاعلة يمكنها أن تؤثر في سير الأحداث وأن تكيف حياة اليطل
يضا. ويمكن أن نذكر هنا بقيمة المكان في رواية «العاشق»؛ حيث أصبح هو الذي يخلق
شخصية البطل ويدفعه الى مغامرات جديدة؛ فكلما انتقل البطل الى مكان جديد تغيرت
صفاته بدءاً من عمله واسمه ونظرة الناس اليه. وصودٌ الى تحديد مصيره. لكن أوضح
صورة لقيمة المكان في تركيب الرواية تبقى صورته في «ما تبقى لكم», حيث يقرر غسان ش
أن الصحراء يطل وأنها بتفاعلها مع حامد تجعله يلقي الساعة ويلقي. معها أوهامه الزائفة
ويواجه عدوه الحقيقي ويخلق من جديد. ومن هناء يمكن أن نقول انّ غسان كنفاني» قْ
كتابته, لا يلتزم طريقة محددة, وخاصة. لايلتزم النمط المتعارف. وإنما يحاول أن يطوع
التقنيات الفنية لما تجيش به تجريته من معان خضبة وآراء جديدة. وما ذكرناه عن الاطار
المكاني يصح أيضاً عن الاطار الزماني» فالزمن عنده يفقد طابعه الفيزيائي ويصبح قوة
فعالة فائقة تطارد الأيطال: وهي حاسمة في تحديد. مسار حياتهم. فمجرد. زيادة بعض
ٌق أودت بحياة.الأيطال في «رجال في الشمس».
كما أن الساعة: في «ماتبقى لكم», هي النعش الذي يطبق على. البطلين بما يمثله
من ذكريات الماضي. وقد تكون هذه القوة إيجابيّة فتدفع الأبطال. الى التغيير... ْ
فحامد يلقي الساعة ويتحرّر من هذا القيد ويواجه عدودء كما أن أم سعد ترى ‏
عشرين سنة دافعاً كافياً لتنتقل من خيمة الى أخرى أو على الأقل ا ل
عنها. | ‎٠‏
أمّا الزمن .من حيث هو ترتيب لأحداث الروايةء فاننا نلاحظ فيه تداخلاً بحيث
يختلط الماضي بالحاضر والمستقبلء: فالرواية لاتبدأ مع بداية الأحداث بل تبدأ وقد سيقتها
أحداث كثيرة كيفت حياة البطل. ويستعمل غسان كنفاني في استحضارها أسلوب التداعي
والمونولوج. ولا نجد سيراً خطياً للأحداث بل تتداخل الذكريات والأحلام لتكشف الحاضر
وتفسرهء وغسان كنفاني لايهتّم بالزمن المطلق في الرواية فكثيراً ما لانعرف أية أحداث
١ ‏ا‎
تاريخ
يوليو ١٩٨٢
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 7242 (4 views)