شؤون فلسطينية : عدد 122-123 (ص 115)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 122-123 (ص 115)
المحتوى
المصريين كانت, ولا تزال» تعمل في الأجهزة الحكومية, الأمر الذي يعطيها حداً أدنى من
الضمان المعيشي. .. والتبعية للدولة أيضاً. واعتبر إضراب الموظفين عام 5 واضرابات
بعض فتاتهم في الاربعينات دليلاً على شدة الحركة الثورية.
غير أن ذلك الدور وهذا الفكر أخذا يتحسران منذ العهد الناصري؛ بل قد نرى في
لجنة العمال عام ‎١557‏ احدى البشائر المنبئة بالتغييره رغم قصر مدة هذه اللجنة. وعلى
أي الاحوال: فقد كانت مصر الناصرية تحول: اصبحت القضايا الاجتماعية هي الأرضية
التي صدرت منها حلول القضايا الوطنية؛ فانقلب ‏ بدرجة ‏ التوازن بين كفتي النوعين
عما كان عليه قبل 1407: في ظل الوفدء مثلاًء كان ينظر إلى المسألة الوطنية على أنها
مفتاح المشاكل الاجتماعية» بمعنى أن حل الأولى يفتح الباب لحل الثانية. أما بعد 21957
فقد تبدل المركزان. ومن الملفت للنظر أن طرد الملك واجراء الاصلاح الزراعي الأول مثلاً
سبقا جلاء القوات البريطانية؛ وجاء «بيان آذار (مارس)» 1518, والاصلاح الزراعي
الثالث محاولة لرأب الصدع الذي احدثته الهزيمة في حرب الأيام الستة الخ. ولعلني
استطيع القول ان تحقيق مطالب جذرية للطبقات الشعبية اعطى النظام -لمدة تلك
القوة التي مكنته من الصمود السياسي بفضل الوحدة الجماهيرية حوله.
وفضلاً عن ذلكء فقد هز النظام الناصري المجتمع المصري هزاً عميقاً لم يترك
آثاراً في الطبقة المالكة الكبيرة فحسبء بل وفي سائر الطبقات والشرائح الاجتماعية: إن
شتى الاجراءات ‏ بصرف النظر عن مدى جذريتها ‏ اظهرت أن القيود التي تكبل
الكادحين يمكن الا تكون بالضرورة أبدية, الأمر الذي ضخم ثقلهم في المعترك الداخلي
من مختلف النواحي. وليس في ادراك هؤلاء ومفاهيمهم نشاط سياسي «مطلق» أو مجردء
لأنهم معدمون أو أشياه المعدمين؟ فالوجه الأول لمفهومهم عن السياسة هو طلب ذلك الحد
الأدنى من الحياة والكفاف الذي يتشبثون به في استماتة جيلاً بعد جيل ومنذ الأزل. ومن
شأن هذا أن جعل وجهة النظر الاجتماعية تحتل مركزاً أكثر تقدماً: في الوقت نفسه الذي
احاطتها هالة من الاختلاط والغموض والخرافة والجهل...
ومنذ بداية السبعيناتء بل ومنذ ‎١557‏ تقريباً.ء أخذ الغلاء يعصف يمصر. ويلهث
الجميع وراء موارد الهجرة أو العملين (صباحاً ومساء)؛ واصاب التدهور المعيشي الغالبية
الكبرى من العاملين بالاجهزة الحكومية والقطاع العام بحيث فقدت الفئات المثقفة جزءاً
من تلك الضمانات المادية التي كانت تسمح لها بالادوار والأفكار السابقة. ولا توجد في
مصر الهيئات النقابية المستقلة والتنظيمات الاجتماعية والسياسية الجماهيرية المستقلة
لني تستطيع أن توحد السخط وترفع الإدراك الغامض إلى مستوى الوعي الطبقي,
شتراكي الوطنيء بالسرعة الثورية التي يتمناها البعض.
ومع ذلك. فمن الواضح أن الإدراك المبعثر للظلم الاجتماعي الذي حاولت أن أبيّن
بعض نقاطه. يمكن أن يتحول إلى قوة جماهيرية واسعة كما حدث في كانون الثاني (يناير)
5117 وكذلك تدخل في سلسلة الملاحظات السابقة حوادث الهبات الشعبية التي وقعت
قبلها في الأرياف (مثل بيلا) وبعض أحياء القاهرة (العباسية. السيدة زينب). وأخيراً
116
تاريخ
يناير ١٩٨٢
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 10664 (4 views)