شؤون فلسطينية : عدد 122-123 (ص 223)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 122-123 (ص 223)
- المحتوى
-
بمن عداهم في العالم, جعلت المصورين الأوروبيين, من إداريين ومفوضين كولونياليين ورحالة مسافرين,
ينظرون إلى الشعوب التي يصورونها ليس على أساس أنها غريبة فقط بل على أنها «دونية بالتأكيد» أيضاً.
وهنا تستخدم المؤلفة الأدوات التحليلية القوية التي شحذها ادوارد سعيد قف كتايه «الاستشراق» لتبين أن
مقهوم «الشرقي», كما تعبر عنه الصور التي التقطهاٍ أوروبيون, «ينتزع الموضوع وأقعاله من النطاق
التاريخي ويجعله يبدو عجيباً لايمكن تفسيره ومستعصياً على التأويل العقلاني».
وهناك, في حالة فلسطين. عنصر آخر هو ارتباطها في المخيلة الغربية. حينذاك, بالتوراة. ولذا كان
بعض المصورين الاوروبيين يختارون أى يصطنعون في الاستديو مشاهد «توراتية أزلية» تعطي الانطباع بأن
شيئاً لم يتغير يتغير منذ عهد التوراة. وسواء كان دافع ذلك رومانسية حنينية, أم اعتبارات تجارية محضة (بيع
الصور بطاقات بريدية) فإن هؤلاء كانوا لا يرون حاجة إلى وضع تواريخ للصور؛ لأنهاء في نهاية المطاف
«غير مرتبطة بالزمان». أما تلك الصور التي التقطتها جمعيات ومؤسسات اوروبية: كانت مدفوعة بنوايا
تحسين الأوضاع الصحية والتعليمية والمعيشية؛ فإنها تبدي نظرة أبوية فوقية إلى المجتمع «الجاهل
والمتخلف».
ومن ناحية أخرى, فقد كانت تسود اوروياء في القرن التاسع عشرء نزعة إلى تصنيف شعوب العالم
إلى «أنواع» عرقية واثنية عريضة. وكانت أكثر «بطاقات التصنيف» انتشاراً في حالة فلسطين بيطاقات
البدوي والفلاح والمدني. ولا تعكس الصور التي التقطها بعض الاوروبيين هذ! التصنيف فحسبء بل
وتعكس أيضاً الصفات التي كانت مرتبطة في الذهن الاوروبي بكل صنف: البدوي «متوحشء قاسء؛ حره
ولكنه لديه «احساس بالشرف», أما الفلاح «فمتقادم وجاهل وساذج ومضطهد» وأحياناً بلا «إحساس
بالشرف». بينما المدني «مخادع ومخاتل ومتزلف».
ولكن» ماذا عن الصور التي التقطها فلسطينيون؟ من الواضح أنها صور أخذها أغنياء من سكان
المدن» ولهذا السبب فإنها يجب أن ن تعامل بالحيطة هي الأخرى. فمثلاً هناك صورة آي الكتاب أخذت في
العشرينات لعائلة فلسطينية من الطبقة الوسطى. ترتدي ألبسة «تقليدية» فلاحية قِ حفلة (الغرابة مرة
أخرى!)..وهناك صورة أخرى (1555) تضم عددا من العائلات يلبس أفرادها جميعاً الزي الأوروبيء إلا
امرأة واحدة تلبس ثوياً فلاحياً: وتشير المؤلفة إلى أن أسماء الجميع مكتوبة على قفا الصورة؛ إلا هذه
المرأة, فقد أشير إليها على أنها «فلاحة» فحسب! وهناك أيضاً مجموعة من الصور التقطهاء في الثلاثينات,
فلسطيني ملحق بمدرسة خضوري الزراعية في عدد من القرى الفلسطينية, تبرز بوضوح تشبع المصور
بالأفكار الأبوي ية الإحسانية السائدة بين الكولونياليين (وذلك أمر لم يفت المؤلفة الاشارة إليه).
هكذا يتبين لنا أن المؤلفة اختارت المشي في حقل مليء بالألغام» فكان الكتاب دليلاً على أنها اجتازت
هذا الحقل برشاقة وخفة تحسد عليهما. فقد استطاعت أن تعيد للصور حياتها وبعدها الإنساني؛ وذلك
بالتعليق النفاذ الذي يلفت ليس إلى ما تبرزه الصورة المعنية وتوضحه فحسبء بل إلى ما تخفيه وتشوهه
أيضاً . كذلك كان تصنيف الصور وتقسيمها على فصول كتبت بعناية ناجحة أيضاً فهناك فصل عن الأرض
وحياة القرية يضم صوراً للعمل الزراعي والحياة الاجتماعية توضح أنماط ملكية الأرض. وثان يتعرض
بخاصة لعلاقة الحكومة بالفلاح والعمل في تجارة البرتقال والهجرة من الريف. أما الفصل الثالث قصغير؛
وهو يعرض للبدوء ويصف الفصل الرابع التنقل بين المدينة والقرية وبين المدن المختلفة, ويضم ضوراً لعمل
القرويين في المدينة: في الموانىء والبناء وبيع المنتجات الزراعية. وفي الفصل الخامس, عرض للحياة
الاقتصادية في المدن يتتبع بالصور نمو المدينة والحرف السائدة. كالخزف والزجاج والنسيج والدباغة,
وبعض الصناعات مثل الصابون والكبريت والسجاير والمطاحن؛ كما يصور هذا الفصل الحياة التجارية
اليومية والحياة الاجتماعية. ويضم الفصل السادس صوراً تبين التغييرات في أسلوب الحياة في المدينة؛
والاحتفالات الدينية الإسلامية والمسيحية. أما الفصل السابع والأخيرء فيتركز على الحياة السياسية ويضم
صوراً تتعلق بالحرب العالمية الأولى والانتداب البريطاني؛ مثل صور المظاهرات في يافاء والقدس وصور
شوار عام ,١1573 وكذلك صوراً للعقوبات الجماعية التي كانت توقعها حكومة الانتداب.
رحض - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 122-123
- تاريخ
- يناير ١٩٨٢
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22323 (3 views)