شؤون فلسطينية : عدد 138-139 (ص 133)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 138-139 (ص 133)
- المحتوى
-
التخلص منها فحسبء بل ما إن ضعفت عزائمهاء واسترخت قواهاء حتى فرضت عليها الدول
الاوروبية معاهدات وامتيازات اخرى أثقل من سابقاتهاء واشد تقييدا لحريتها. فإذا بالدولة التي
كانت تحسب نفسها بالأمس مرجع العالم, وتتوهم ان هذه العقوب التي كانت تعقدها منحة
وسماحة تصيح كدودة الحرير في شرنقة من عمل يدها ما إن اكتملت حتى جعلتها سجينة لا
' تستطيع حراكا»(”") . وعندما بلغ التطور الرأسمالي مرحلة متقدمة في القرن التاسع عشرء تزايدت
أطماع الدول الاوروبية في السلطنة العثمانية. ويرز العامل الاقتصادي كمحرك للصراع بين
الدول الاوروبية في السلطنة العثمانية. وبرز العامل الاقتصادي كمحرك للصراع بين الدول
الكبرى حول تركياء وبشكل اكثر حدّة من ذي قبلء حيث لم تغفل الدول ذات المرافق التجارية
التماس مصالحها الاقتصادية عندما كان العثمانيون في عز قوتهم يوم قفزوا عبر الدردنيل الى
القارة الاوروبية. وتراكضت جمهورية فينيسيا (البندقية) لتوقيع معاهدة تجارية مع تركيا في عام
:, والتى كانت تعتبر في طليعة البلاد التجارية» ثم حذت حذوها كل من بولونيا ورووسيا
واسبانيا وفرنسا وغيرها.
ولم تكن خافية يومها مظامع كل من روسيا والنمسا وانكلترا وفرنسا في السيطرة على
الممتلكات العثمانية, حيث برز على أثرها ما يسمى «بالمسآلة الشرقية» في الوقت الذي كانت فيه
السلطنة تعاني سكرات الموتء يتجمع من حولها الورثة, ينتظر كل منهم حصته بعد الوفاة. وبرز
الدور الفرنسي والانكليزي بشكل واضح فيما يتعلق بالمنطقة العربية وفلسطين خاصة: لاعتبارات
ودوافع متعددة, حتى كان مؤتمر بال الصهيوني الفرصة المناسبة فيما يتعلق ببريطانيا على وجه
الخصوص.
موقف بريطانيا من الصهيونية
في الواقع, ان تبني بريطانيا للحركة الصهيونية كان نابعا اولا وقبل كل شيء من ضرورة
تأمين مصالحها وامتيازاتها في المنطقة العربية عبر سيطرتها على المواقع الستراتيجية المهمة,
والتحكم بالنقاط والطرق التي من شأنها الوصولء دون أية عراقيلء إلى الهند » التي كانت تعتبر
درّة التاج البريطاني ؛ نظراً لما كانت توفره هذه المستعمرة من ثروات وخيرات ورجال تعتمد عليها
بريطانيا اعتمادا مهما. وقد «كانت انكلترا تحرص دوما على الحفاظ على طرق مواصلاتها مع
الهندء إذ ان مصالحها هناك قضية حياة أو موت بالنسبة إليها»<!" . وكان التنافس على 35
بين الدول الاوروبية فيما يتعلق بممتلكات السلطنة العثمانية؛ وكانت بريطانيا تتمسك بالمحافظة
على وحدة الامبراطورية العثمانية في آسيا. ولكن تخوف الانكليز من التوسع الروسي على حساب
تركياء وكذلك النمسا وفرنساء دفع ببريطانيا للتخلي عن سياستها المحافظة وانتهاج سياسة
جديدة تستطيع من خلالها تأمين مصالحهاء والحيلولة دون صدام مع الدول الاوروبية الاخرى.
ومن هنا قال ونستون تشرشل «إذا كانت رووسيا لتزداد قوة واتساعا على حساب تركياء فإن مصالح
بريطانيا في الشرق الاوسط وفي الهند ستتعرض إلى مخاطر جسيمة. من هنا كانت بداية المسألة
الشرقية كما كانوا يسمونهاء تلك المسألة التي استأثرت باهتمام الدول الاوروبية واوقعتها في حيرة
وارتباك حتى نشوب الحرب العالمية الاولى»("") .
وعلى هذا الاساسء كانت بريطانيا تضع فلسطين في سلّم حساباتها نظرا لموقعها المهم على
البحر المتوسطء وكذلك الحال فيما يتعلق بقناة السويس ومصر. وهي التي قاتلت نابليون بونابرت
وحملته على مصر في نهاية القرن الثامن عشر ويداية القرن التاسع عشر. ولانها كانث تدرك ذلك:
فقد كانت اول دولة تنشىء لها قنصلية في القدس عام 1874 كأول قنصلية اوروبية هناكء كما
1١7 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 138-139
- تاريخ
- سبتمبر ١٩٨٤
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 10662 (4 views)