شؤون فلسطينية : عدد 138-139 (ص 140)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 138-139 (ص 140)
- المحتوى
-
العالم, وبصورة خاصة فيما يتعلق بخارطة الوطن العربي. وقد أدركت هذه القوى الاستعمارية
منذ وقت مبكر ان المنطقة العربية حبلى بالخيرات والثروات التي تستطيعء إذا استغلت جيداء
أن تشكل الشريان الرئوي وعصب الحياة للامبريالية العالمية» كما أدركت ايضا اهمية فلسطين
باعتبارها قلب الوطن العربي.
ومن هذا المنطلق» كان للجنة كامبل بنرمان رئيس حزب الاحرار البريطاني ورئيس الوزراء
في عام 14١17 الاثر البالغ في الاستراتيجية الاستعمارية العالمية. خصوصا وان اللجنة كانث
عبارة عن مجموعة من مشاهير العلماء والمؤرخين المختصين في مجالات متنوعة؛ بينهم اساتذة في
الجامعات البريطانية والفرنسية والايطالية والاسبانية والبرتغالية والبلجيكية والهولندية. وكانت
المهمة التي أوكلت إليها تتلخص بدراسة الوسائل الكفيلة بادامة الاستعمار, ولمواجهة التوسع
الاستعماري الالماني» ولتحقيق بعض الاهداف التوسعية في افريقيا وآسياء في الوقت الذي كانت
فيه فرنسا ويريطانيا تتربعان على العرش الاستعماري العالمي. هذا ويعتبر التقرير الذي قدمته
اللجنة؛ بعد عملية البحث والدراسة الواسعة والمعّمقة حول الامبراطوريات السابقة والمغاصرة.
من أخطر التقارير العالمية» لأنه تمكن فعلا من اكتشاف الوسائل الضرورية والكفيلة ليس فقط
بتاخير مصير الاستعمار, بل وبالقضاء على حركات التحرر الوطني في المستعمرات والبلدان :
التابعة» والعمل على بذر الشقاق والانقسام بين سكان هذه المناطق وتجزئتها لكي يبقى متحكما
بزمام الأمور لأطول فترة ممكنة, مع ضرب المقومات الاساسية المؤثرة في التطور والتقدم
والاستقلال. وسميت هذه اللجنة باسم رئيسها كامبل بنرمان. واكد التقرير ان البحر الابيض
المتهسط هو الشريان الحيوي للاستعمار ومصالح الدول الاستعمارية الآنية والمقبلة؛ ولا بد لنجاح
اية خطة تستهدف حماية المصالح الاوروبية المشتركة؛ من السيطرة على هذا البحرء وعلى شواطته
الجنوبية والشرقية؛ لآن من يسيطر على هذه المنطقة يستطيع التحكم في العالم(*) . كما حدّد
التقرير بصورة اكثر تفصيلا خطورة وأهمية الجسر البري الذي يصل آسيا بأفريقيا وتمرفيه قناة
السويس شريان حياة اوروبا-» ومناطق اخرى مهمة. كما يعترف التقرير اعترافا صريحا بأن
شعب هذه المنطقة تتوفر لديه كل المقومات والعوامل التي تتكون منها القومية, حيث يقول: «في
هذه المنطقة الحساسة يعيش شعب واحد تتوفر له من وحدة تاريخه وبينه؛ ووحدة لسانه وآماله.
كل مقومات التجمع والترابط والاتحادء وتتوفر في نزعاته التحررية؛ وفي ثرواته الطبيعية؛ وفي كثرة
تناسله؛ كل أسباب القوة والتحرر والنهوض». ويتساءل التقرير: «كيف يكون وضع هذه المنطقة
إذا توحدت وتحررت واستغلت ثرواتها الطبيعية من قبل أهلها؟ فيجيب المتسائلون: «عند ذلك
ستحل الضربة القاضية حتما بالامبراطوريات الاستعمارية» وعندها تتبخر احلام الاستعمار
بالخلود» فتتقطع اوصاله ثم يضمحل وينهار كما انهارت امبراطوريات الاغريق والرومان»(/5)
وفي ضوء هذا التقريرء لم يكن تصريح بلفور, محدداً فلسطين كوطن قومي يهوديء وليد
الصدفة مطلقاً؛ وقد طرحت مشاريع متعددة قبل هذا التاريخ لاقامة مثل هذا الوطن الصهيوني.
وهذا عائد بالطبع للعلاقة العضوية والتحالف المصيري بين الصهيونية والامبريالية» يرتبط مصير
الاولى بالثانية ارتباطا وثيقاء والخطر على استمراريتهماء كامن في هذه المنطقة بالذات. وعلى هذا
الاساس كان اقتراح اللجنة «اقامة حاجز بشري قوي وغريب على الجسر البري الذي يربط آسيا.
بافريقيا ويربطهما معاً بالبحر المتوسطء بحيث يشكل في المنطقة؛ وعلى قرب من قناة السويسء قوة
صديقة للاستعمار. وعدوة لسكان المنطقة,(08)
هذه الوقائع التاريخية تؤكد بشكل ملموس ان الحركة الصهيونية لا تتعامل اولاً في تحالفها
الا مع الامبريالية القائدة» ولهذا كان تركيزها على لندن في البدء يوم كان لبريطانيا امبراطورية لا
تغيب عنها الشمس. ولكن في الوقت الذي خسرت فيه بريطانيا العظمى قوتها وزعامتها الدولية,
الطردل - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 138-139
- تاريخ
- سبتمبر ١٩٨٤
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 5131 (6 views)