شؤون فلسطينية : عدد 138-139 (ص 144)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 138-139 (ص 144)
- المحتوى
-
في الأمر أن الاستعماريين (الأوروبيين والصهيونيين) يتعاملون مع الشعوب والأوطان تعاملهم مع
الانتاج الرأسماليء مع السلع الخاضعة للعرض والطلب والاستهلاكء وكأنها أحدى الصفقات
التجارية التي تعدّها أحدى الشركات لتصديرها إلى خارج الحدود أو استهلاك الداخل. وهذا ما
حدث تماما عندما وصل هريرت صموّيل لتسلّم منصبه في فلسطين مندويا ساميا بدلا من
الجنرال بولز البريطاني؛ حيث ذكر صموئيل في مذكراته آنه «عندما انتهى دور التسليم؛ وقبل أن
يخرج الجنرال بولز من المكتب قال لي: والآن أريد أن توقع لي وصلا بالاستلام. فسألته: وصلا
باستلام ماذا؟ قال: فلسطين. فقلت لا أستطيع ذلك ولِعلّك لا تعني هذا من قبيل الجدّ. فأجاب:
أعني هذا بكل تأكيد. وهذا هو الوصل مهيا ومطبوع. وناولني قصاصة ورق صغيرة هذا ما فيها:
استلمت من الماجور - جنرال سير لويس ج. بولز فلسطينا واحدة بالتمام والكمال. وبعد هذاء
التاريخ وفسحة للتوقيع . فعدت أتردّد؛ فصي فوقعت وأضفت عبارة: ما عدا السهو والغلط»7").
يبدو من ذلك أن الجنرال بولز البريطاني كان يدرك ما ستؤول إليه فلسطين بعد وصول صموبّيل
بدعم وحماية بريطانياء وما سينتج عن هذه السياسة من مخاطر تتعلق بالأرض العربية
الفلسطينية والشعب الفلسطينيء بكل ما تحمله من عمليات استيطان الغرباء وتهويد للأرض
وتشريد للشعب لاقامة كيان غريب في هذه المنطقة بعيد كل البعد عن عادات أهلها وتقاليدهم .
وآمالهم. وجاءت عملية الاستيطان حاملة معها سياسة التهويد والتشريد من ناحية: وردّات الفعل
العربية والمتمثلة بالاضرابات والتظاهرات والانتفاضات والثورات, من ناحية ثانية» مؤكدة صدق
التوقعات التي بنى عليها الجنرال بول موقفه وتصرّقه.
طبيعة الحركة الصهيونية ومميزاتها
في ضوء ما تقدم» نستطيع أن نحدد السمات الأساسية التي تشكل عصب حياة الحركة
وعمودها الفقري. وتتمثل هذه السمات بما يلي: استعمار استيطاني. استعمار عنصري . استعمار
توسعي. الارهاب والاجرام. فالحركة الاستيطانية التي تشكلت عبر الموجات المتتابعة, عملت على
اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه. وتشريده إما في الداخلء كما هو الحالء مثلاء بالنسبة
لمسيحيي قريتي «أقرت وكفر برعم»» وإِمّا إلى خارج الحدوب» كما هو الحال بالنسبة للفلسطينيين
الذين يتوزعون في الدول العربية المحيطة بفلسطين. وجميع الممارسات التي قام بها الصهيونيون
أثبتت بما لا يقبل الشك أنهم يهدفون منذ بدء تحركهم إلى «صهينة» فلسطين ونزع طابعها
العربي عنهاء وذلك بزرع المستوطنين اليهوب الآتين من بقاع مختلفة في هذا العالم لاا صلة بينهم
إلا الدين» ولا رابط إلا العنصرية, مكان سكان البلد الأصليين. ْ
ولم يكن الطابع العنصري بعيدا عن حركة الاستيطان» فكلاهما مرتبط بالآخر ارتباطا وثيقاء
حتي أنه لا وجود لأحدهما دون الآخر. ولم يقتصر هذا التمييز العنصري على العرب وحدهمء بل
اه ليشمل بعض الطوائف اليهودية أيضا. ومن الواضح أن العنصرية متأصلة في نفوس
الصهيونيين. وعل هذا الأساس ينقسم المجتمع الاسرائيلي ذاته إلى مجتمعين, الاشكناز (المجتمع
المؤلف من اليهود الغربيين)؛ والسفارديم (المجتمع المؤلف من اليهود الشرقيين). وقد تطورت
الاختلافات بين المجتمعين إلى حد أصبح معه من الصعب أن يندمج الفريقان: كما أصبح الحقد
والكراهية بينهما هو القاسم المشترك. ويبرر بن - غوريون سبب اضطهاد الاشكناز للسفارديم
قائلا إن السفارديم غير متعلمين, عاداتهم هي عادات العرب» وقد يخرج منهم شيء يختلف قليلا
ولكن في مدى ثلاثة أجيال ولكني لا أرى ذلك بعد ولست متفائلا. واليهود الغربيون يتشككون من
ولاء هؤلاء لدولة اسرائيل ويقولون قد يأتي اليوم الذي ينحاز هؤلاء فيه إلى العرب إذ ليس هناك
1١7 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 138-139
- تاريخ
- سبتمبر ١٩٨٤
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 10663 (4 views)