شؤون فلسطينية : عدد 100 (ص 129)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 100 (ص 129)
- المحتوى
-
1
القصف شديدا ٠ وبقينا نتضرع الى الله ان ينهي ذلك القصف . ويقينا لا نعرف طعما للنوم .. وقبل انبلاج الفجر
اتفقنا ان ننزل عند جيراننا بيت « علي السعيد » , معتقدين ان بيتهم المبنى على الطريقة القديمة سيكون أكثر
أمنا .. فركضنا اليهم على بعد امتتار فرأينا الأنوار الحمراء والصفراء . أنوار القنابل المضيئّة والخطاط تتحرك
بسرعة هنا وهناك .. فتح جيراننا قبل ان نقرع الباب » فقد أحسوا بجلبتنا » وقد كان الكثيرون يسرعون مارين من
هناك نحو «١ البابور » ... وجدنا جيراننا بنفس الحالة من الذعر والقلق ؛ لا بل رأينا ما اضحكنا ؛ لقد ادخلت
ابنتهم نفسها تحت كومة من اللحف , ولم يبد منها شيء الا أسفل وجهها .. جلسنا قريبا منها بجانب كومة
اللحف .. في الساعة السابعة وقع صاروخ قريب جدا من البيت ٠ بعد دقائق طارت واجهة البيت بشكل عجيب فلم
يتناثر منها شيء سوى بعض الغبار .. فهمنا آنذاك ان القذائف التي يصلنا صوتها لا تضر ؛ اما القذائف المضرة
فهي التي تصل قيل صوتها .
بعد ان طارت واجهة البيت أصبح كل شيء يدور في الخارج باد لاعيننا . وقد خطر لوالدي ان يتبع اناسا
رأهم يتجهون نحو الطاحونة. فلم يشاورناء حتى لم يلتفتوراءه,وضحكت هنا علياء قائلة. «لقد نسينا والدي » .
بقينا مع اهل البيت حتى الظهيرة .. ظل هنالك رد على القصف حتى الظهيرة . وراح يتلاشى كما يتلاشى ضوء
شمعة وصلت الى نهايتها .. اما القصف فقد ظل ويقينا على حالنا من الخوف .. عندما يتكلم الانسان عن تلك
اللحظات لا يستطيع ان يعبر عن كل ما يحسن من رعب مقرون بالانتظار ومشاعر اخرى تقبض النفس بقسوتها
كانما تقبض بيد حديدية . بعد الظهر فكرت باللحاق بوالدي ببعض الطعام .. لفقت له عروسا من البيض المسلوق
الذي اعدته صاحبة البيت للغداء ذلك النهار ورحت اركض نحو الطاحونة باقصى جهدي وانا اتعثر بخطاي ؛ لقد
خاطرت بحياتي من اجل والدي ( وعادت الى الضحك ) مع انه فر دون ان يعيرنا التفاتا .. بدقائق كان الموت
جائما على الطريق في كل خطوة ٠ وصلت الى البابور .. هنالك رأيت عيون الجميع محملقة ومنتظرة .. كانوا حوالي
أربعمئة .. أطمآنيت على والدي واعطيته العروس وعدت بالسرعة التي جئت بها لكي لا تظن والدتي انني مت .. في
تمام الساعة الخامسة سمعنا هدير الدبابات .. الدبابات دخلت من جميع المحاور مرة واحدة .. وراح المسلحون
المقتحمون يرشون الرصاص يمينا وشمالا.. وقد سمعت ان الفدائيين الذين بقوا حتى النهاية. . الذين ضريوا مثالا
في الوطنية والفداء لاقوا حتفهم جميعا في « تلة مسعودء أو .شلعبون» فقد ركز الاعداء نار مدافعهم وصواريخهم
على تلك التلة فمات كل من بقي فيها , رافق هؤلاء من شباب البلد في الشهادة حسان شرارة الذي بعثه والده الى
باريس فعاد دون علم والده والتحق بالمقاتلين واستشهد .. قاسم ومحمد بزي وفؤاد دباجة .. ويقال ان حسان
وزميل له لم يمت بنار الصواريخ بل وجد مذبوحا مما يدل على انه لاقى الاعداء وجها لوجه .
وفؤاد دباجة .. ويقال أن حسان وزميل له لم* يمت بنار الصواريخ بل وجد مذبوحا مما يدل على أنه لاقى الأعداء
وجها لوجه .
ولنعد الى الطاحونة .. فما أن أحس المجتمعون بأقتراب الديايات حتى خرجوا , واتجه واحد منهم بولده
الرضيع وسلمه الى الضابط في الدباية الأولى وهو يقول له أن أرواحنا بين أيديكم .. وساله الضابط عما اذا كان
يوجد « مخريون » عندهم فاجابه الرجل ان لا مخريين عندنا وجلنا من النساء والاولاد والشيوخ .
تابعت الدبابات طريقها الى الداخل بينما جعل الخوف بعض النسوة يهتفن . أهلا بجيش الدفاع الاسرائيلي ,
على أمل ألا يعتدي عليهن المهاجمون .
في صباح اليوم التالي سمع الاهلون الاعداء يهتفون بمكبر الصوت ان اذهبوا جميعكم الى البركة .. هنالك
فقدت شقيقتي التي ما زال لها رغبة بالنوم » فقدت توازنها واغمي عليها .. وأسعفها الناس الموجودون وسقوها
الماء .. بقي الاهلون حول البركة الكبيرة يومين متتالين في قرص البرد وحر الشمسء بعد ذلك فتح لهم الاعداء
الحوانيت والبيوت المقفلة المداخل وامروهم بعدم مغادرتها الا ساعة في النهار لواحد من كل عائلة لاحضار
الطعام .. وظلوا على تلك الحال سبعة ايام بعدها عاد كل الى بيته .
دبيهة شامي ١١( سئة)
انا واحدة من عائلة كبيرة فقدت والديها منذ سنين . فاشتغلت بجد بالدخان وتربد.: الدواجن وم يكن لعاتلتنا
* هكذا في الاصل - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 100
- تاريخ
- مارس ١٩٨٠
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 10255 (4 views)