شؤون فلسطينية : عدد 104 (ص 123)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 104 (ص 123)
- المحتوى
-
قياسا على معطيات الظروف التي كان يغنى فيها , اثناء الحروب الصليبية قبل ان يرقد الشعر
العربي في فترة سبات طويلة » ليصحو بعدها على نبض الحضارة الحديثة , تبعث الدفء في
أوصاله » فيجد نفسه في ظلام العثمانيين وتحت كابوسهم الثقيل ويتململ الشعراء والناس
نيام » يؤازرون حركة الاصلاح والنهضنة الفكرية التي دعا اليها الرواد في الشرق العريى . وما
كاد العرب يرفعون عن صدر حياتهمٍ الكابوس العثماني حتى اخذ مكانه كابوس الاستعمار
الاوروبي في ظروف الحرب العالمية الاولى . وقد وسم شعر هذه الفترة المبكرة بسمة الشمول
والدعوة الى اليقظة والتنبه والوعي ؛ ووجد نفسه امام مقاومة الطغيان والظلم من قبل الحكام
المفروضين في ظلال السيطرة الاجنبية » وامام مقاومة عوامل التخلف التي يدعوهم الوعي
الجديد الى نبذها والتعلق بركب الحضارة الحديثة » وامام محاولات سحق الشخصية العريية
وقتل لغتها القومية وانتقاص قيمتها » فراح يدعو ويبشر منذ وقت مبكر بدعوة القومية وآمال
الوحدة . ونستطيع ان نتلمس ملامح المقاومة » مهما كانت هزيلة احيانا ؛ في شعر هذه الفترات
الوطني والقومي والسياسي ؛ وان نجردها عما خالطها , في القالب » من عناصر اخرى قد لا
تتصل بمفهوم المقاومة عن قرب .
وعلى الباحث في شعر المقاومة العربية بعامة , والفلسطينية بخاصة , ألا يتسرع ويخدعه
مفهوم المقاومة » كما بيناه في الشعر الاوروبي , والمحدد بظروفه المعينة . فينساق في تطبيقه على
شعرنا ببساطة وحسن نية » اى بخبث وسوءنية , اذ يجب ان نأخذ في الاعتبار ظروف حياتنا
وقضايانا التي نقاوم من اجلها ٠ بدون ان نتناقض مع ذلك المفهوم الذي ينطبق على بعض مراحل
حياتنا وظروفها . ونحن لا نوافق على تضييق مفهوم المقاومة الى حد التعامي عن ظروفها وظروف
شاعرها والانسان من حوله . فالمجتمع العربي ٠ في عمومه . مجتمع زراعي متخلف ومحجور
عليه . حكمته وما زالت تتحكم في كثير من اجزائه فئات اقطاعية توالي الاستعمار . وتضخم
التناقضات في بنيته البشرية احكاما لخنقه واخضاعه باستمرار لقوى التخلف والاستعباد في
الداخل والخارج ٠ ثم هو مجتمع يفتقر الى القيادات الفكرية والروحية الغنية التى يلغى
باستمرار دورها في محاولة انتشاله من ظلم الحياة وظلامها . ومع مواطن العقم العديدة المصاب
بها هذا المجتمع , فان عليه ان « يستوعب عدة مراحل حضارية في فترة قصيرة زمنيا » وهو
تحت ضغط ظروف مصيرية لا يستطيع الانتظار » بل , هو على العكس , مدعو بالحاح الى تجاون
هذه المراحل وتخطيها » (") . ومن هنا كانت تناقضات المثقفين العرب وتمزقاتهم » وهم يرون
مجتمعاتهم ميادين صراع بين قيم الاقطاعية والبرجوازية الى جاتب الاستبد اد الداخلي والتسلط
الاجنبي من نحو , وبين القيم الحقيقية التي ترنو اليها الآمة في التحرر والاشتراكية والوحدة من
نحو آخر , بدون ان يستطيعوا فعل ما يقدرون عليه في خدمة أمتهم وتحقيق آمالها ؛ فيعيشوا
حالة الانفصام الحاد بينهم » كذوي كلمة ٠ وبين بعض ذوي السلطان الذين يغلون ايديهم
ويخنقون اصواتهم ليقتلوأ فيهم الفكر , ويئدوا الكلم ثم يروحون بنفوذهم السياسي ٠ ويقوة
اجهزتهم الاعلامية يعكسون الحقائق , فيحملون الادب والفن واصحابهما مسؤولية تأخر الآمة
الذي يكرسونه هم باخلاص وتفان ٠ وفشلها الذي يزرعوته بأيديهم وان قرضوا عليها حصاد
هذه الظروف , مع ما يمكن ان يكون هناك سواها ؛ مما خضع ويخضع لها المواطن
العربي ؛ كما خضع لها معه ابن فلسطين في منافيه ومناطق تشرده العربية منذ نكبة عام
1١7 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 104
- تاريخ
- يوليو ١٩٨٠
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 10381 (4 views)