شؤون فلسطينية : عدد 116 (ص 130)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 116 (ص 130)
- المحتوى
-
النص الثالث
لعل المعيار النقدي الرابع والأهم هو ملغمة العناصر المتباينة في كلية واحدة تجعل
من القصيدة مجمع صلات ومعقد ارتباطات من . شأنها أن تشكل بنياناً متماسكاً
لا انفصام لجزئياته. وريما أمكن تلخيص هذا المعيار يلفظة واحدة هي: التكامل: بمعنى
أن كافة وحدات القصيدة. تتعاضد كيمًا تصنع التأثير المطلوب وتنقله إلى المتلقي. ويختلف
هذا المعيار عن سابقه في أن معيار الصور المتنامية إنما يشرح .وحدة شذرات الصورة
الواحدة المؤلفة من عنصر واحد. ومعنى واحدء .في الجوهر الأعمق: أما معيار الالتغام
فهو قدرة الشاعر على توليف عدة عناصرء وعدة معان: ثم صهرها في مصهر القصيدة
بحيث تجيء بارئة من الشروخ ومعافاة من أي فصام كبير. وفي الحق أن هذا ضرب من
الانجاز لا تستطيعه إلا الفطرة الفذة الفائقة. ولهذا يمكن للمتحري أن يجد للفصام
الكتابي آثاراً في معظم الأعمال الأدبية: ولا سيما في الرواية.
والحقيقة أن هذا المعيار الرابع ذو صلة وثيقة بالمعيار السابق» إذ أن افتقار صور
القصيدة إلى التنامي» ووجود ثغرات تفصل بين الذرات التصويرية» من شأنه أن يعيق
الغائية التكاملية للقصيدة, بل لعله أن يكون أول علائم عدم التكافل والتساند. وعى هذا
الأساسء. يمكننا أن نعرّف القصيدة يأنها أحادية تتأسس على شبكة من الترايطات
المتينةء أو بأنها تكامل الأشتات والمتفرقات في كيان متناغم. ولهذا أرى أن معيار الالتغام
واحد من أهم محكات الشعر الحديث, لأنه ينين وحدة القصيدّة وباطن النفسء أو يكشف
عن وجود قطيعة بينهماء إذ لا يوجد شيء يخشاه الباطن كما يخشى الشتات والفصال
والفوضى؛ ثم لأنه يرى !| للح مون اسد وت لوحدة البنيان الاجمالي للعمل الفني: كما يرى
في ذلك مجلى جمالياً للمضمونء, بل مجلاه الجمالي الوحيد.
وفي الحق أن شعر فدوى يملك أن“ يصمد أمام هذا المعيارء ولكن صعوداً نسبياً
فقط. ولعل خير قصيدة تحقق هذا الصمود النسبي هي: «لن أبكي». التي كتبتها إثر
لقائها ا حزيران (يونيو) ببضعة أشهر.
دعنا نأخذ بتحليل عمل كل من عناصر القصيدة ابتغاء أن نرى. في النهاية. كيف
تعمل هذه العناصر متساندة لاخراج عمل فني جميل: وإن كان لا يخلو من عيوب أصيلة
في الشاعرة لا تفارقها أبداً.
تقع القصيدة في أربع فقرات نشعر لدى الانتقال .من؛ أولاها إلى ثانيتها أننا قد
وثبنا من فوق ثغرة ليست بالخفية» وذلك لأن الموضوع لم ينم نموا طبيعياً وداخلياً. فبينما
قدمت صورة للدمار في الفقرة الاولى» فإنها راحت تقدم الشعراء بوصفهم «مصابيح
الدجى»؛ وهذا يعني أن الانسجام ليس كافياً. ومع هذا فإننا إذا ما أخذنا الفقرة الاولى
بمعزل عن القصيدة فريما وجدنا أن الفكرة قد عملت ال تحديد الشكلء وبذلك أكدت
ما فحواه أن الفكرة. بوضفها شرطاً للشكل, ٠ ومن حيث هي سابقة عليه. قد نهضت فعلاً
بتحديد الشكل وصوغه. بل إن حراك الفكرة والفقرة ملتغم في داخل اللفة أيما التغام,
أو قل بلغة شائعة: إن الفقرة قد جاءت بمثابة إفصاح بين عن توافق الشكل والمضمون.
١7١ - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 116
- تاريخ
- يوليو ١٩٨١
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 10381 (4 views)