شؤون فلسطينية : عدد 119 (ص 16)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 119 (ص 16)
- المحتوى
-
متقلب لا أمان له, بل ويتهم «القدر» بأنهظالم72*0").وحتى تلك الأمثال الشعبية التي
تستخدم لتعزية النفسء اى لتعزية الآخرين عندما يقع مكروه, هي في التحليل النهائي
تبرئة للانسان من مسؤولية ما وقع من اشر وتحميلها للقدرء فالإنسان يبذل الجهد
الصحيح. ولكن القدر يصر على نتائج سيئة معاكسة لهذا الجهد الانساني. ان هذا الميلء
لدى الفلاح» لتبرئة الانسان وتجريم القدر قد يبدى مستغرباً من «فلاح مؤمن», ولكن
الأمر يبدو واضحاً إذا ما وضعنا في الاعتبار أن «القدر». تاريخياً. كان يعني مشيئة آلهة
الارستوقراطية الحاكمة التي كانت مصدر المظالم والشرور التي عاناها الفلاح**. .
كما سيتضح. في فصول قادمة من هذا البحثء ان هناك صلة وثيقة بين الموقف
الديني للإنسان المصري والمصالح الاجتماعية الاقتصادية لهذا الانسان. ولذلك» نرى
من الضروري ان نبدأ بالقاء ضوء على العوامل المشكلة لهذا الموقف.
من ,الممكنء بشكل عام» قبول التفسير الذي تقدمه المازكسية لظهور الدين في
العصور القديمة؛ فالانسانء في تلك العصور, كما يقول التفسير الماركميء كان ضعيفاً امام
الطبيعة, وإذلك كان مضطراً ان يتوجه الى قوى مافوق الطبيعة يستثيرها ويسترضيها
تؤثن في الطبيعة لصالحه(١'). ولكننا نرى أن هناك خصوصية يجب ان توضع في
الاعتبار فيما يتعلق بالانسان المصري القديم والكيفية التي صاغ بها دينه. من المؤكد ان
الانسان المصري الأولء مثله مثل غيره من البشر في اماكن اخرى من العالمء كان يرى في
الكون من حوله اشياء غامضة يشعر ازاءها بالرهبة والحيرة. فالسماء المكشوفة أمامه
بنجومها وكواكبها كانتء ولابدء موضوعاً دائماً لتأملاته. والشمس التي تلازمه طوال
اليوم. وبخاصة قدرتها على انضاج محاصيله, ليس من شك في أنها جعلته ينظر اليها
نظرة امتنان وتقديس ثم مالبثت هذه النظرة ان تطورت إلى التأليه.
إلا ان بيئة الانسان المصري لمتكن فيها تلك العناصر التي تهددو أى تهدد
محاصيله. فليست هناك عواصف او اعاصير. وليست هناك غابات أو جبال مليئة
بالأسرار؛ وهو لا يعتمد في زراعته على مطر تأتى به قدرات غيبية» وإنما على النيل. وعلاقة
السببية الواضحة القائمة بين مياه النيل والأرض وعمل الفلاح والتي كان تتاجها
محصوله. أكسبت الفلاح, منذ البداية» نظرة مادية لقضايا المعيشة وللحياة. لذلك, لم يكن
الفلاج المصري القديم بحاجة ماسة الى «قوى فوق طبيعية» يطلب تدخلها لحمايته من
خطر مْحِيط به اى لتوفير اسباب محصول جيد. وحتى الفيضان كان الفلاح يعرف انه
يمكنه 'السيطرة عليه. والحد من اثاره السلبية, بعمله المادي وليس بالدعاء لقوى فوق
طبيعية.
* ومن الامثال الشائعة التي اوردها كمال المنوفي: «خلق ناس وتحفهم؛ وكب ناس وحدفهمء, و:ادي الحلق
للي بلا ودان» وهو ما يعني «اعطى الحظ لمن هى قير مؤفل لهء, و«الدهر ميال», و«الدتيا يوم
معاك ويوم عليك».
*» من الأمثال الشائعة في هذا الاتجاه: «العبد في التفكير والرب في التدبيره و«اللي من نصيبك لازم يصيبك
و«الحذر لا يمئع القدن».
1 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 119
- تاريخ
- أكتوبر ١٩٨١
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 4164 (7 views)