شؤون فلسطينية : عدد 119 (ص 17)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 119 (ص 17)
- المحتوى
-
من هناء فإن المسألة الأساسية التي كانت تشغل الفلاح, في علاقته بالقوى فوق
الطبيعية؛ هي حياته بعد الموت, اي البعثء بل ان هذه كانت تشكل الموضوع الرئيسي في
الديانة' المصرية القديمة عموماً. وبما أن مسالة البعث هذه هي مسألة فردية فإن
الهساطة بشأنها لم تكن ذات اهمية جوهرية بالنسبة للفلاح, خاصة وان الوجه الآخر
لتلك الوساطة هو المساس بناتج جهده وعمله أي تكريس حق الدولة المركزية في ملكية
هذا الجهد وناتجه ء وعندما تكون هذه الوساطة - أي المؤسسة الدينية» أى الصيغة
الدنيوية للدين ذات اثر سلبي على الفلاح؛ وعلى ناتج جهده وعمله. فإن هذا كان يجد
المبرر الخلقي والمنطقي للتخلي عن هذه الوساطة دون ان يرى في ذلك انتقاصاً من
«ايمانه» الذي يشكل علاقته الخاصة بقوى مافوق الطبيعة, اي بالآلهة اى بالاله. وهذا
مايفسر لماذ! اقترنت بعض ثورات المصريين القدامى بموقف متمرد ضد بعض رموزهم
الدينية» ولاذا سعواء من خلال بعض هذه الثورات, للحصول على حقهم في ممارسة بعض
الشعائر الدينية مستقلين عن الفرعون وعن المؤسسة الدينية التابعة له. كذلك يفسر لماذا
غين الصريون ديانتهم بعد ذلك اكثر من مرة, حينما تركوا دياناتهم القديمة واعتنقوا
المستيحية» ثم تركوا المسيحية واعتنقوا الاسلام, ثم تبنوا المذهب الشيعي واستعانوا
بإلقاطميين ضد دولة الاخشيديين (السنية)؛ ثم عادوا وثاروا على الفاطميين وقبلوا العودة
الى المذهب السني حينما امسك صلاح الدين الأيوبي بالسلطة المركزية (111/1م). ومن
المهم ملاحظة ان المصريين حينما تحولوا إلى المذهب الشيعي لدوافع سياسية واجشاعية.
فإنهم, كما سنوضح فيما بعدء رقضواء في هذا المذهب جانبين: الإمامه والموقف العدائي
للصحابة. وحينما قبلوا بالإنقلاب السني الذي احدثه صلاح الدين الايوبي فإنهم ظلوا
محتفظين ببعض تقاليدهم الشيعية وثاروا ضد الدولة الايوبية «السنية» وبخاصة ف فترة
حكم الملك العادل : ل 554).
' 'كذلك. فإن وقائع تاريخ مصر الحديث تأتي دليلاً على ان الانسان المصري يعتبر
موقفه الديني علاقة خاصة وفردية بينه وبين الله, وانه كما يرفض الوساطة في هذه
العلاقة, فإنه على استعداد لتقبل مواقف سياسية واجتماعية, حتى وان كانت على اسس
غير دينية طالما أن ذلك يحقق له مصالحه الاقتصادية والاجتماعية. فقد التف المصريون
بقوة حول القيادة العلمانية للثورة العرابية رغم ان اول برامجها أي بيان الحزب
الوطني الأول كان ينص على ابرع هذا الحزب هى حزب سياسي غير ديني» وفقدت
القياةة الدينية؛ منذ ذلك الوقت؛ موقعها كقيادة سياسيةء وكذلك التف المصريون التفافاً
رائفاً حول حزب الوفد وقيادته العلمانية. وعجز تحالف السراي الملكي مع القيادة الدينية
التقليثية (مشايخ الأزهر) والقيادة الدينية السياسية السلفية الجديدة (الأخوان
المسلمون) عن النيل من شعبية حزب الوفد وبخاصة لدى الفلاحين. كما عجز هذا
التخالف عن ان يقدم نفسه كبديل منافس للوفد في قيادة الشعْب. ومرة أخرىء لم تهتز
شعبية جمال عبد الناصر لدى الغالبية العظمى من الشعب رغم العنف الذي تعامل به مع
«الاخوان المسلمين»؛ ورغم انه حول الأزهر من جامعة دينية الى جامعة غلمية حديثة,
ورغم أنه الغى المحاكم الشرعية وحول قضايا الأحوال الشخصية الى القضاء الأهلي
والعلماني.
16 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 119
- تاريخ
- أكتوبر ١٩٨١
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22446 (3 views)