شؤون فلسطينية : عدد 119 (ص 20)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 119 (ص 20)
- المحتوى
-
النص الشهير المعروف باسم «شكوى الفلاح الفصيح» المنقوش على بردية محفوظة في
متحف برلين. يروي هذا النص قصة فلاح من وادي النطرون يسوق حميره المحملة ملحا
الى مدينة هيرمكيوبوليس ليبادل الملح بالغلال: ويلتقيء في الطريقء بواحد من رجال رئيس
ديوان الملك فيستولي هذا على الحمير والملح. ويسعى الفلاح دون كلل حتى يصل الى
رينس ميروء رئيس ديوان الملك؛ ليقدم له شكواه. ومن هذه القصة يمكننا ان نتعرف
على بعض السمات الأساسية للشخصية المصرية في ذلك الوقتء فهي تتسم بالسمات
التالية:
اولا: ان القلاح عنيد ودوّوب وصبور في صراعه من اجل أاستعادة حقوقه. فحينما
يضربه توتي (الموظف الذي سرق حميره) ويأمره بالصمت. يرد عليه الفلاح قائلا:
«تضربنيء: وتستولي على ماليء ثم تريدني أن اسكت؟».
وبعد عشرة ايام من الوقوف امام باب توتي يحاول اقناعه برد حميره دون جدوى
يتحول “القلاح الى السعي لمقابلة رئيس البلاطء ولكن الموظفين يردونه» ويصورون القصة
لرئيس] الْبْلاط بما يتفق مع مصالح زميلهم «توتي», الا أن الفلاح لاييئس ويواصل الجهد
حتى, يناجح اخيراً : مقابلة رئيس البلاط رينس ميرى ويشرح له شكواه. ْ
ثانياً: نلمس, في هذه الشكوى, ايضاًء وجهة نظر الرأي العام اي وجهة النظر
الشعبية فيما يجب ان تكون عليه سياسة الدولة ازاء عامة الشعب. فإذا كان رمسيس
الثاني» في خطابه المشار اليه سابقاً. في الفلاحين الذين كانوا يعملون في المحاجرء قد حدد
تصوره لما يجب ان يكون عليه «الرجال الطيبون ذوى الأخلاق» ووضع المقياس لذلك:
«إنهم يسهرون على العمل طوال الوقت» ولا يعرفون التعب» وينفذون واجباتهم على الوجه
الأكمل, :ويُخدمون في الجبال المقدسة». فإن الشعبء من الناحية الأخرى؛ وغلى لسان
الفلاح خنوم انوبء في شكواهء يحدد تصوره لواجبات الحكومة ازاء المواطنين: «ان
تقضي على الظلم وتقيم العدل, وتوفر الطعام والملبن والدفءء وان تقف الى جانب الفقير
ضيد ظالميه».
وإذا كان مقياس العمل الصالحء من وجهة نظر الدولة المركزية هى التفاني في خدمة
الملكء فإن مقياس العمل الصالح, من ومجهة نظر الشعبء وكما جاء في شكوى الفلاح هو
توفي الأمن والعدالة».
ثألثاً: وفيما يتعلق بالدين» فإننا نجدء في هذه الشكوى, ملامح مفهومات دينية
جديدة تشكل بداية لما يمكن أن نسميه الايديولوجية الدينية الشعبية؛ حيث تتبلور النظرة
النفعية للقيم ولقوانين السلوك الخلقي: فالصالح المؤمن؛ كما يقول الفلاح, هى من يهتم
بأرزاق الناس» ويحميهم من المعتدين (على ارزاقهم)؛ والمصير في الآخرة لن يتوقف على
مايينيه ملك من اهرامات ومعابد, ولكن على مايقدمه للشعب من حماية وعدل. والفلاح,
في شكواه؛ يحذر رئيس الديوان الملكي من انه اذا لم يستجب لشكواهء ويقف الى جانبه
فإن كفة ذنوبه ستكون هي الراجحة يوم الحسابء و«معات» إلهة العدل والحق لن تخلد
18 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 119
- تاريخ
- أكتوبر ١٩٨١
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22448 (3 views)