شؤون فلسطينية : عدد 120 (ص 23)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 120 (ص 23)
المحتوى
مشروعها الاستيطاني2 الذي لم يكن يعقل أن تنجزه هي بقواها الذاتية. خاصة إذا
أخذت بالاعتبار ظروف الزمان والمكان» فالزمان هو نهاية القرن التاسع عشر؛ حيث
التنافس بين الدول الاستعمارية على أشدهء وغيوم تضارب المصالح الامبريالية تليد سماء
العالم, مما أدَى في نهاية الأمر إلى نشوب الحرب العلمية الأولى. والمكان هى فلسطين,
بموقعها الاستراتيجي في قلب العالم القديمء الذي كان يشكل بؤرة اهتمام الدول
الامبريالية. والصهيونية. بفعلها الذاتي» لم تكن لها مقومات الدخول في صراع العمالقة.
ونظرة سريعة نلقيها على أسماء المشاركين في المؤتمر الصهيوني الأول (بازل ‎,)١851‏
‏تكفي لتثبيت القناعة بأن مثل هذه التركيبة لاقبل لها بطرح مثل المشروع الذي يدور
الكلام عنه: إذا كانت تعتمد على ذاتها فحسب. من هناء انصب التفكير الصهيونيء» منذ
البداية» على البحث عن شريك مناسبء يكون بالضرورة أحد المراكز الاميريالية الفاعلة.
وهكذاء وضعت الحركة الصهيونية نفسها على «سكة» أوصلتها إلى حيث هي اليوم
وحكمت تطور مشروعها وصولا إلى وضعه الراهن, حيث تغلب سمة الثكنة فيه على ملامح
الدولة القومية. فالشراكة التي ضريبتها الصهيونية العالمية مع المراكز الامبريالية كان لابد
لها من أن تعكس موازين القوى بين الشريكين» وتكون بلتالي غير متكافئة2» أي أن يكون
أحد الشريكين هو الأكبر والآخر هو الأصغر. وهذه هي طبيعة العلاقة القائمة الآن بين
اسرائيل, كشريك أصغرء والولايات المتحدة كشريك أكبرء في تجسيد المشروع الصهيوني
بكل أبعادة.
وكان طبيعياً أن تفعل هذه الشراكة غير المتكافتة بين الحركة الصهيونية والمراكز
الشريكين ومتناسبة مع موازين القوى بينهما.
وهكذاء جعلت تلك الشراكة المشروع الصهيوني ذا شقين, أحدهما يهوديء يقوم
على الوعي الصهيوني الزائف ل «المسألة اليهودية», وبالتالي الطرح الخاطىء لحلها
والثاني امبريالي؛ ينطلق من استراتيجية المركز الامبريالي الشريك لتجسيد مشروعه العام
إزاء المنطقة. وبينما التقى الشقان على الخطوط العامة للمشروع المشتركء كان طبيعياً أن
يفترقا في بعض التفاصيل وفي ترتيب جدول الأولويات في عمل المشروع. ففي حين أعطى
الشق اليهودي الأولوية للاستيطان» على نية حل «المسألة اليهودية» بتهجير يهود العالم
وتوطينهم في فلسطينء, التي كان لابد من تهويدهاء أرضاً وشعباً وسوقاً. كانت أولوية
الشق الامبريايي من المشروع إياه التصدي لحركة الجماهير العربية وإحباطها للحؤول
دون تحقيقها لأهدافها في الاستقلال والوحدة والتطور الاجتماعي. وكذلك أضفت تلك
الشراكة على المشروع الصهيوني أبعاداً ثلاثة. ففي بعده الفلسطيني يرمي المشروع إلى
تأمين القاعدة, سواء للاستيطان أو لآلة العدوان. وأمن الاستيطان يستلزم تهويد
فلسطينء أرضاً وشعباً وسوقاً. ولذلك كان إجلائياً. واعتمد نهج تغييب الشعب الفلسطيني
وصول إلى تذويبه. أما آلة العدوان» فهي تحتاج إلى قاعدة آمنة تنطلق منها لاداء دورها
خارج رقعة الاستيطان. والبعد العربي للمشروع الصهيوني يتمثل في الدور الامبريالي
لآلته العسكرية» والذي يرمي إلى المساهمة الفعالة في تطويع حركة الجماهير العربية
5
تاريخ
نوفمبر ١٩٨١
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 17767 (3 views)