شؤون فلسطينية : عدد 120 (ص 72)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 120 (ص 72)
المحتوى
لماذا لم يتمكن اليهود الشرقيون من تجاوز هذه الأوضاع؟ أحد الأسباب يكمن في
أنهم حتى في رفضهم للإجحاف الذي يلحقه بهم الأشكنازيون: يظلون مع ذلك مسلّمين
بالنمط الأوروبي لهيكلية المجتمعء باعتباره النمط الشرعي. ولهذا تجد أنهم لم يتساءلوا
قط عن مبررات خضوعهم لثقافة غريبة عن أعرافهم, فكل مافعلوه هو المطالبة بأن يكون
لهم نصيب عادل في «الكعكة» الثقافية.
وهناك حقيقة أخرى تعوق أو تعرقل الاستيعاب الاجتماعي الحقيقي لهذه الفئة
القوية في حيز الإمكان» تتعلق بصفة اليهودي الشرقي. فتصنذيف اليهودي الشرقي كان,
بدءاً على الأقل, تصنيفاً مصطنعاً استخدم للدلالة على أناس من مناطق جغرافية مختلفة,
وثقافات متنوعة, وخلفيات اقتصادية متباينة. ويعبارة أخرىء لا يتوافر لهذه المجموعة من
الناس تجانس ثقافي ‏ حضاري يوجب تصنيفهم في فئة واحدة ذات هوية مشتركة وكيان
محدد: «لا يوجد مجتمع سحفاردي أو شرقي واحدء هناك عدة مجتمعات5922'). وبعد
وصول هؤلاء الناس إلى اسرائيل» كانت أقوى أنواع العلائق التي تشدهم. هي صلتهم
بمنطقتهم السابقة.وأمتهم السابقة, أو حتى في بعض الاحيان انسباؤهم وارتباطاتهم العشائرية
السابقة. ومع أن هذا التعريف لليهودي الشرقي أصبح مقبول من جانب العديد من
اليهود غير الأوروبيين. باعتباره التعريف الذي ينطلق من العلاقات العامة والتمييز بينهم
وبين اليهود الأشكناز. إلا أنه تعريف غير مقبول في داخل المجتمعات الشرقية نقسها.بل
نجد على العكس من ذلك أن أبرز الحواجز التي تحول دون التعاون فيما بينهم. أي بين
الشرقيين أنفسهمء. كان على الدوام التصنيفات الداخلية التي يستخدمونها ونواحي
التمايز التي يسجلونها انطلاقاً من اعتبارات ثقافية ووطنية وعائلية. ويكلام آخر نؤكد أنه
لم يتوافر لليهود الشرقيين قدر كاف من التجانس الذي مثلاً كان للطيقة العاملة
البريطانية في أواخر القرن التاسع عشر. ولقد قاد هذا الواقع إلى سلسلة من النزاعات
المريرة بين الجماعات المختلفة من المهاجرين الوافدين من شتى البلدان والثقافات. ومن
هذا ان اليهود السبفارديم (أي أحفاد أولئك اليهود الذين نزحوا 3 اسبانيا والذين
تشتتوا إلى مختلف أصقاع شمال أفريقياء وتركياء واليونان» ومصر) يميزون أنفسهم عن
سواهم من اليهود غير السدافارديم ولو كانوا من غير الأوروبيين. ومن النماذج الشهيرة
لهذه النزاعاتء العلاقات المتوترة المشحونة بعدم الثقة بين اليهود العراقيين والمراكشيين.
ونستنتج من هذا أن الحاجز الهائل الذي يحول أساساً دون تعاون اليهود الشرقيين
يتمثل في نزاعاتهم الداخلية والفروقات المميزة لفئاتهم المختلفة على الصعد الثقافية
والعرقية وصلات النسب والقرابة.
كلمة أخيرة
الخلاصة العامة التى يمكن الوصول إليها في الختام هي أن قضية اليهود
الشرقيين مثيرة للاهتمام بصورة خاصة:؛ من حيث أنها تكشف على نحو ملائم النزاع بين
القيم الشرقية والغربية. وأن اليهود الشرقيينء على .“رغم من كونهم الأكثريةء لايحاولون
أن يفرضوا على المجتمع أعرافاً ومفاهيم تدمشى مع تقاليدهم, وتستجيب لاحتياجاتهم,
7
تاريخ
نوفمبر ١٩٨١
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 39444 (2 views)