شؤون فلسطينية : عدد 120 (ص 123)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 120 (ص 123)
- المحتوى
-
يمضي ولا يعودء متخَلَّياً عن عادته اليؤمية الملازمة له. نشعر هنا ان الرجل لم يبتعد بسبب
تطوّر داخليء بل ابتعد لأن الكاتبة ارادت له ذلكء فأجبرته على الابتعاد كي تدافع عن
تعلن سميرة عزام, في قصصهاء عن ثقتها الكاملة بالانسان وينزوعه الأكيد نحو
الخير» نزوع ينتصر على الرغم من حضور الشرء فكأن الخير قائم في النفوسء يوحّد بينهاء
ويخلق بينها تواصلاًء ويجعل كل نفس تركن إلى غيرها. لهذا فإن «صبي الكواء» الفقير
لايجزع عندما «يحرق قميص خليل»: «ولكنه لم يكن خائفاً. ففي حلمه رأى الأستاذ خليل
يبتسم .له ويطمئن جزعه ويقول: لابأس على القميص يارزق مادمت حاولت ان تصير
معلمأء("). ويمكن أن نعثر على الموقف ذاته في قصة «مؤهلات» حيث يطلب «الطبيب»
من ولد فقير أن يأتي إلى عيادته كي يعيده إلى عالم الأسوياءء فيأتي جواب الولد
بالرفضء ويكتفي بطلب ليرتين من الطبيب يشتري بهما عشاء لعائلته. نلمح؛ في هذه
القصةء تلاقي الولد والطبيب في موقع الخير و«الطيبة», الأول يذكر عائلته قبل عاهته.
والثاني يعرض مهنته من اجل مساعدة الآخرينء اي ان الذات الأنانية تنقضي دوماً
ويكتسح مكانها عطاء داخلي لايرى «الأناء إلا في علاقاتها مع الآخرين.
كان هذا الموقف الواثق بالانسان. يدفع صاحبة «الساعة والانسان» إلى كتابة
قصص أخلاقية تقترب من حدود الأمثولة الكاملة, التي تبشرٌ بالخير وتدعى إلى التكافل
والتساعف, فكأن الأمثولة» في قلم الكاتبة. موعظة ترجم الشر ولا ترجم الانسان, لأنها
تفصل بين الشر والانسانء فالشر قائم خارجه. والانسان مهما اقترب.منه.فإنه يعود في
النهاية إلى نقيضهء إلى عالم الخير. يظهر هذا الموقف واضحاً في قصة: «سجادتنا
الصغيرة» التي تروي تواصل الخير او لنقل تجليه وانتشاره حتى يصبح دائرة واسعةا
تضم كل النازعين إلى الفضيلة؛ فنحن نجدء في القصة المشار إليهاء رجلاً يعيد سجادة
إلى اهلها بعد ان «عثر عليهاء قبل خمس سنواتء يعيد السجادة بعد ان همّ بصلاته
الأولى» فيتذكر ان «متاع الصلاة» لايخصّه: «فلما هم بأداء صلاته الأولى اختار هذه
السجادة لركوعه, إلا أنه حين فرشها وحاول ان يشرع في الصلاة أحسٌ كأن هزة كهرباء
ترج جسمه رجا عنيفاً. كيف يبدأ بالصلاة على سجادة مسروقة». فما كان منه إلا أن
أعادها إلى اصحابها مرفقة برسالة تحكي كيف عثر على السجادة. لاتنتهي القصة هكذاء
ففعل الايفان الأول يصل إلى رجل ثانء إلى الرجل الذي استعاد د فيشرع بدوره
بالصلاة. ويغدو من يومها «مصلَياً مواظباً»7). تعلن هذه القصة عن انتشار الخير,
فالرجل الأول عثر على «السجادة», وبقيت لديه حتى ثاب إلى صلاته. فأعطته الصلاة
فضيلة جديدة, فأعاد ماعثر عليه إلى صاحبه الأول. وأعاد له فيه «صلاته الفائية».
فاستعاد الرجل ماكان مفقوداًء وأدرك فضيلة الرجل الأولء فوصل بدوره إلى صلاته.
فكأن الرجل الأول قائم في الثاني» فهما يتحاوران بلا حوارء او كأن هناك ثالثاً يخلق
بينهما الحوار الصامتء فيتفاهمان ويذهبان في طريق الخير.
تشير هذه القصص إلى الوازع الأخلاقي الراقد في الانسانء والذي يستيقظ في
لحظته الموائمة, فيحدد مسار الانسان ويدفعه إلى القيم الايجابية, حتى نكاد نقول: إن
1١ - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 120
- تاريخ
- نوفمبر ١٩٨١
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 10384 (4 views)