شؤون فلسطينية : عدد 120 (ص 129)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 120 (ص 129)
- المحتوى
-
وإذا كنا قد وسمنا بعض هذه القصص بالنزعة الاخلاقية» فإن هذه السمة لاتلفي دلالة
العمل فيهاء وإن كانت تضيّق حدود الدلالة, فالقصص السابقة تكتب علاقات الانسان
والعمل لكنها تنكسر دوماً في نهايتها الوعظية» او لنقل ان الكاتبة تبدأ بالواقع ثم تنتهي
بالاخلاق» او ترسم الواقع المعاش ثم تحاصره بالمثل والمعايير» مع ذلك فإن قصة مثل:
«الغريمة» تعيش دورتها الواقعية دون ان تنكسر في التحديدات الاخلاقية. ومهما يكن من
امرء ومهما يكن شكل الوعي الذي تكتب فيه الكاتبة العلاقات الاجتماعية» فإن قصة
سميرة عزام كانت تحاول ابداً التوحيد بين «ثالوث» الانسان والعمل والحياة.
وما دمنا نبدأ بالانسان وننتهي بهء فانه يتعينٌ علينا ان نرى علاقة الانسان بذاته
وبالآخرين وبالعالم. وقد رسمت سميرة عزام» في قصصهاء كل هذه العلاقات, فولجت إلى
عالم الانسان الداخلي ووجدانه. وصوّرت بشفافية عليا تعش الشعور الانساني في تضاربه
وهشاشته. في احلامه وانكساراته. «دموع للبيع» هي صورة مثلى لما هو مأساوي في
الحياة. ولا هو صادق ومكين في الوجدان الانسانيء إذ نجد في هذه القصة صورة المرأة
التي تمارس الندب والنواح في المآتم, وتشعل في الوقت ذاته الفرح والزغاريد في الافراح:
اي أنها تبيع الفرح والأسى وتمارسهما كمهنة يومية, اما عندما تفقد هذه المرأة ابنتها.
فإن الندب المسموع والبكاء المدفوع يتلاشيان» ليحل مكانهما صمت ناطق بالأسى؛ وسكون
بليغ يقول لنا إن العيون الصامتة اكثر بلاغة من الدموع التي تباع. وإذا كنا نرىء في
هذه القصة, شكل التوصيل المعقّد بين الأنا وعالمها الداعخليء فإننا نرى في: «الاعداء»
و«حتى لاتتصلّب الشرايين» شكل التواصل بين الانسان ونظيره, فتقرأ في «الاعداء»,
صورة متنافسين على وظيفة, ينظر كل منهماء في البدءء, إلى غريمه بكراهية وعدم احترام,
لكنهما يتساندان بعد حين, بعد ان يتعادلا في التعامل, فلا يحظى اي منهما بالوظيفة
المنشودة. نقرأء في هذه القصة, منطق الحياة التي تحكم عواطف الانسان, حتى تكاد
القصة ان تقول إن العواطف ليست محايدة فهي ملوّثة دائماً بصراع الحياة الجارح. |
القصة الثانية, فإنها تبينَ لنا شكل التوصيل المفتوح بين الانسان البائس وبين من
يتعاطف معه, كما أنها تقول لنا شيئاً آخرء إنها تبلغنا عن مدى الحزن ال«اخلي ومرارة
العزلة» لذلك فإن لطف الآخرين وكرمهم لايمسح هذا الحزن مهما بلغت حدود اللطف
وآماد الكرم؛ لكأن الذات الداخلية تحتفظ بسرها دوماً او تحتفظ بشيء من هذا السر. مع
ذلك فإن المشاركة الانسانية الدافئة هي التي تقي الانسان من الانهيار وتردعه 3
التشظّى الكامل. ا 1 ١
لا تكتفي سميرة عزام بوصف حدود التواصل والتوصيل في عالم الانسان2. بل
تذهب في حالات معينة ة بعيداًء حتى تصل في بعدها ضفاف الانسانية الكاملة والمنشودة
اي ضفاف التضحية من اجل الآخرين. وعن موضوع التضحية كتبت قصة: «الساعة
والانسان» راسمة صورة الانسان البسيط الذي يضحي بسعادته اليومية كي يصون حياة
الآخرين وسعادتهمء. فهو ينهض صباحاً ليوقظ «البعض» كي لايفوته القطارء ويكون
مصيره الموت تحت عربات القطار كما كان مصير ابنه. تصف الكاتبة بساطة الرجل
وكرامته: «كان رجلا في منتصف عمرهء يختفي تحت معطف اسود وطربوش تركي قاتم,
1١55 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 120
- تاريخ
- نوفمبر ١٩٨١
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 6706 (5 views)