شؤون فلسطينية : عدد 120 (ص 135)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 120 (ص 135)
- المحتوى
-
مغشوشء بل بفعل تاريخي يستعيد الوجه الحقيقي ويجعل من الاسم مرآة حقيقية لماضي
الانسان وحاضره وأفقه المرغوبء لذلك فإن الفلسطيني يتعرّف بما هو سلبي فيه ويُنادى
بنعت يذكّر بما هو ناقص في وجوده الانساني: «وتمد المرأة صوتها الارعن وتقول بلهجتها
الممطوطة: وينك يا ولد قل 'للفلسطيني” ان...», و«أحس “الفلسطيني”؛ في وقفته المرتعشة
خلف الطاولة, بالصوت الممطوط ينفذ من سترته إلى جيبه الداخلي فيحيل البطاقة إلى
مزق» مزق صغيرة. تخشخش في جيبه في غير عنفوان». تعتبر هذه القصة إحدى افضل
القصص التي عبّرت عن غربة الفلسطيني المتعددة الوجوه: غربته عن ذاته, وعن وطنه
وتاريخه والوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه غربة كثيبة تدفع الانسان إلى التنكر لذاته,
والابتعاد عن وجهه الحقيقي. وتذكّرنا هذه القصة ليس بوضع الفلسطيني فحسب وإنما
بوضع كل انسان مضطهد يلغي وجهه حتى يصبح مقبولا لدى الآخرينء: اي أنه يحاول
انتزاع اعترافهم به عن طريق عدم الاعتراف بنفسهء إذ ان الآخرين ينكرون عليه
«ذاتيته» ويمنعون عنه اسمه الخاصء وينادونه بلقب عامء يعلن عن عدم الاعتراف به
وعن تغييبه في اسم سلبي الدلالة هو: الفلسطيني او الارمني او الزنجي... وفي ثنايا
الاسم السلبيء يستيقظ الاحساس بالأنا وبالجذورء ويندثر كل طموح لحل فردي منسلخ
عن المجموعء إذ ان نعت «الفلسطيني» لايرسم حالة فردية او حالات فردية بل يمثّل
وضع شعب بأكمله.
كتبت سميرة عزام هذه القصص في حدود وعيها للعالم, وفي الاطار الذي تعي فيه
الواقع الاجتماعي2ء فجاءت هذه القصص معبيّرة عن الواقع الفلسطينيء ومعبّرة في
اتساقها عن العلاقة بين وعي الكاتبة وكتايتها. وحين أبتعدت سميرة عن «الجوهر
الانساني» الذي تدور حولهء وحاولت الاقتراب من التاريخ والتحديد؛ أضاعت شيئاً من
صوتها المتمين, ومن شكل تعاملها مع الواقع, لأن هذا التعامل لميأت متوافقاً مع وعي
الكاتبة بل جاء امتداداً لعامل خارجيء ولتجرية لاتستطيع الكاتبة التعبير عنهاء او لنقل
إن وعي الكاتبة المحكوم بمقولة «الانسان العام» وبجملة المقولات الاخلاقية لايستطيع
التعامل مع ما هو متميّز وتاريخي, وإن حقق هذا التعامل فإن الكتابة القصصية تأتي غير
متوازنة او غير متسقة. للتدليل على ذلكء نأخذ قصة: «في الطريق إلى برك سليمان»؛ حيث
لاتتواءم النهاية مع البداية» فالبداية هي مأساة قرية فلسطينية يعوزها السلاح في قتالها
ضد العدو. وعوز السلاح ينتهي في ضياع الوطنء لأن معنى الوطن والانسان هو معنى
السلاح الذي يدافع فيه الانسان عن الوطن: «فكان الرشاش الفارغ حسّسها بأن بطولة
حسن ليست إلا تهريجاً صبيانياً. وأن طوابير الشباب التي تعب على تدريبها ليست
اكثر من دمى في يد طفل عابث»(2'). على الرغم من هذه البداية التي تحكي «قدر»
مجموع بشريء وتحكي فيه عن «درس تاريخي»»: فإن هذه القصة سرعان ما تبتعد عن
الوضع المعقد الذي بدأت به لتصل إلى وضع ميلودرامي يحكي مصرع طفل صغير ساعة
«الخروج». نقول هناء ريما أرادت الكاتبة استعمال الرمز فجعلت من الطفل الضائع نظيراً
للأمل المفقود او للوهم الذي كان قائماً قبل الخروجء مع ذلك فإن بناء الرمز لميتم في
الإطار المطلوبء فالقصة تبدأ ب «الكل» وتنتهي ب «الفرد», تبدأ ب «التاريخ» وتصل إلى
1١ 6 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 120
- تاريخ
- نوفمبر ١٩٨١
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 10384 (4 views)