شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 69)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 69)
المحتوى
عبدالرحمن بسيسو ححح
والمكان الروائي: بوصفه ملفوظاً لغوياً. حكائياًء خالصاًء لا يوجدء ولا يمكن له أن يوجدء الا من
خلال اللغة التي يتوسلها السردء وهو بالتالي مشروط بمقتضيات السرد وآليات انبثاقه وتواصله: التي
أوضحناهاء إنه مشروط باللغة التي تعطيه حضوره الحسي والتصوري, وباللغة ‏ السرد تتحدد آليات
انبثاقه ووجهة النظر التي نتعرف عليه من خلالهاء أي تتحدد بنيته؛ يتحدد مدلوله, وتتحدد هويته في
صلتها بإجابة الانسان الفلسطيني عن سؤال الهوية والطريق؛ سؤال الهوية والمجال الحيوي
لنهوضها ونمائها وانجاز تحولاتها الممكنة في التاريخ.
ولقد أعطت القراءات المتتالية لروايات كنفاني» والاجراءات المنهجية الطويلة؛ والمعقّدة, التي
حكمها منهج استقرائيء بحثاً عن بنية المكان الروائي» وتجلياتها المختلفة؛ وآليات انبثاقها وعلاقاتها
المتشابكة مع مكوّنات النص الروائي» والسياق الروائي الخاصء وحضورها المضيء داخل الفسيج
الروائي وخيوطه المتشايكة؛ استنتاجاً مؤداه أن المكان في روايات غسان كنفاني لا يوجد الاامن خلال
التضاد بين فكرتين - مجالين هما: الوطن والمنفىء ولا يقع الا في احدهما أوفي المسافة التي توغل بعيداً
في المنفى» أوتكون بمثابة منفى داخل الوطن؛ من حيث صلة المكان الذي توجد فيه الشخصية د اخل
الوطن - بابتعاده الجغرافي والنفسي والحياتي عن مسقط الرأسء وتناقضه مع قيم الحماية والألفة
والاستقرار والتواصل التاريخيء والجذوريء التي كانت تتوفّر في أرجاء المدينة أى القرية التي اقتلعت
هذه الشخصية أو تلك منهاء وداخل البيت الذي أُجبرت على الرحيل عنه.
إن وقوع الأمكنة الروائية في روايات كنفائي في مركزين مكانيين متعارضين, وفي المسافة بينهما
مهما اقتربت» أى أوغلت في البعد عن أي من المركزين: يضعنا على مقربة من نظرية الحدّ كما هي عند
يوري لوتمان: حيث يقوم الحدّ كصفة طويولوجية بتقسيم المكان الروائي الى مكانين غير متقاطعين,
يتوفر كل منهما على استقلاله؛ ولامنفن لأحدهما على الآخر: لأنهما ينفصلان: بموجب الحدٌ وفق مبد1
أساسي هى انعدام قابلية الاختراق. غير أن وجود أبطال (شخصيات روائية) يقومون باختراق هذا
المكان المحرّم أو ذاك» يموجب انتهاك لمبدآ الحدٌ - الذي هو أشبه بقانون التّابوكما نرى ‏ يؤدي الى
امكانية استمرار السرد الروائي» ويخلق التشويق؛ وتوتر الحدث؛ ويجعل من عملية اختراق التّابى
(الحواجز والحدوب) عملية دالة ذات مغزى. ونظراً لامكانية وجود أبطال يتباينون في انتماءاتهم
الاجتماعية: والمكانية؛ داخل المكان الواحدء أي داخل هذا القطب أوذاك من أطراف ال' التضاد الثنائي»
وداخل مساقة الحد التي تفصل بين المكانين» فإننا نكون بإزاء بنية مكانية أكثر تعقيداًء أي نكون
بإزاء جملة من الانشطارات المتضادة داخل المكان ‏ القطب الواحدء وتظل هذه الانشطارات ذات
دلالة اجتماعية أ ايديولوجية أوسياسية؛ في غالب الاحيان.
وفي ضوء الاستنتاج الذي قدّمناهء والمعطيات التي وقّرتها نظرية الحدّء وما أعطيناه لها من
تكييف يتواءم مع مقتضيات بحثنا الذابعة من النصوص الروائية التي تقوم بدراستهاء وفي تناغم مع
ما أجريناه من تحليل للروايات فق المقولات التي تعاملنا معهاء يكون بمقدورنا أن نذهب إلى بناء
تموذج شامل للبنية المكانية التي تتوفّر عليها الروايات الاربع. وجلٌ» في ضوء ما سبق, أننا بإزاء ثلاثة
مجالات تنتمي اليها الأماكن الروائية في هذه الروايات: وهي المجالات التي يشكّل اثنان منها طرفان
متضادًّان هما: الوطن والمنفى, ثم المجال الواقع بينهما والذي هى الحدّء أو مجال أماكن المسافة
الفاصلة بين القطبين غير اننا نلتقي في روايات كنفاني بأماكن تنتمي الى الحدّ تقع في المسافة بين
المنفى ومنفى المنفى وأخرى تقع في المسافة بين مكان داخل الوطن. هو مسقط الوأمن: ومكان آخر
داخل الوطنء هو منفى في الوطن, أى هكذا يجرى النظر إليه من قبل الشخصيات؛ وهو ما
1195 ‏شئون فلعطزية الحدد 57-5-/557: تشرين الأول (اكتوبر)- تشرين الثاني (نوفمبر) كانون الأول (ديسمير)‎ ١18
تاريخ
أكتوبر ١٩٩٢
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 22437 (3 views)