شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 72)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 72)
- المحتوى
-
أماكن المنفى في الرواية الكنفانية...
وف مقابل شبه الغياب الذي يسم حضوي المكان الانتقاليء المنفى الموّقت, داخل الوطن» نجد
حضوراً ذا كثافة نسبية للأماكن التي تحولت» مع مرور الزمن, الى منافي داخل الوطن» وهي على وجه
التحديد, والدقة: المخيمات, إذ غالبا ما يتجاوب المخيم» سواء لكان دالخل الوطن أم كان خارجه؛ في
صفاته الطويوغرافية والهندسية» وفي مدلولاته الاجتماعية, والسياسية, والشعورية: أي في صلته
العميقة بمقولات: الوطنء والمنفى, والهوية. ويتبدى هذا التجاوب في صورتين للمخيمء نجد الاولى في
رواية «ما تبقى لكم» والثانية في رواية «أم سعد»ء وتصبّ في مجرى هذا التجاوب اشارات ترد في رواية
«رجال في الشمس» فتساهمء أوهي تشكل اللبنات الاولى في عالم غسان الروائي, لرسم صورة المخيم
وتفجير حركتها الدلالية, وإذ سناتي لاحقاً على قراءة صورة المخيم كمكان للمنفى في الخارج, فإننا
نذهب الآنء الى قراءة صورته كمكان للمنفى داخل الوطن.
غزة حاضتة اللخيم والغياب
تقدم رواية «ما تبقى لكم» رؤية مغايرة لتلك التي اتسم بها المكان الانتقالي كمنفى مؤقت, داخل
الوطن» إذ نكون» مع هذه الرواية؛ بإزاء مخيم للاجئين» وبإزاء مكوّتاته؛ وفي إطار مدينة غزة التي
تحتضنه. وتتمايز عنه في آن, وترتسم صورة مدينة غزة في موضعين, فقطء أولهما في بداية الرواية,
والثاني في وسطها تقريباً. وهذا يدل كما هو واقع الحالء أن الاشارات الى غزة جاءت في سياق صلتها
بحركة «حامد» ووقع خطواته في صحراء النقب, والاحداث التي ينهض بهاء وحالاته النفسية
والشعورية المتحولة: وتجيء الاشارة الاولى» على لسان الراويء وهى يتابع خطوات حامد مع اقترابه
من اختراق الحدودء التي تفصل غزة عن باقي أعضاء جسد الوطن الفلسطيني» يقول الراوي:
«وبعيداً وراءه غابت غزة في ليلها العادي, غابت مدرسته بادىء الامرثم غاب بيته. وانطوى الشاطىء
متراجعاً الى قلب الظلام؛ وبقيت أضواء الشوارع معلقة هنيهة؛ متعبة وواهنةٌ, ثم انطفأت بدورها
واحداً وداء الآخنب9) » أما الاشارة الثانية فتجيء على لسان حامد نفسه.ء وذلك بعد أن أوغل في
الصحراء؛ وعد جملة من التداعيات الطويلة ويعد أن انفجرت حزمة الضوء الارجواني, والمتعدد
الألوان» من السيارات العسكرية الاسرائيلية: ثمّ اختفت, وبعد أن خلا لنفسه متأملا نفسه: «إجلس
هنا تحت هذه السماء المرتدة الى أعماقها وفكّر بروية: غزة راحت الآن وامحت وراءك في الليل. خيوط
الصوف كرت كلهاء ولم تعد أنت مجرد كرة لفوا عليها خيطان الصوف ستة عشر عاماء ولكن من
آأنت 10
في كلا المقتبسينء تحضر غزة: موسومة بالغياب؛ إنها تغرق في سديم غامض غموض السديم
الذي يلف مستقبلهاء وليس ذاك الذي يبحر فيه حامد بحثاً عن هويته؛ وتغيب الاشياء: المدرسة
والبيت والشاطىء وأضواء الشوارع: وفق تسلسل ابتعاد خطوات حامد عنهاء وابتعادها عن الافق
الذي يستطيع بصره أن يشمله؛ إن الرؤية في كلا المقتبسين هي رؤية حامد؛ ولِئّن جاء أحدهما على
لسان الراوي, فإنه الراوي الذي يسكن الشخصية ويبوح بأعمق مشاعرهاء إن لا فرق يمكن العثور
عليه بين المقتبسين: لغة وايقاعاً وذيراً وموقع رؤية ومنظوراًء هنا ينبثق المكان من خلال الوجدان
والمشاعرء ويكون على صلة عميقة بالحدث ووقع الخطوات؛ وبانعكاس كل خطوة يخطوها حامد باتجاه
الصحراء الحد الذي يفصل الوطن عن الوطن . على ذاته الذاهبة نحى تلمس هويتهاء فنكون بإزاء
رؤية ظاهرية للمكان شديدة الكثافة. والشاعرية لأنها تنبثق من داخل الشعورء ويتد اخل فيها الانسان
والمكان: يوغل حامد في ليل الصحراء وسديمها غير العاديء وراءه تغيب غزة في ليلها العادي, تنبثق في
العدد 577-1770-/777, تشرين الأول (اكتوير)- تشرين الثاني (نوفمبر)- كانون الأول (ديسمير) 1151 شين فلسطيزية 3/١ - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 235-237
- تاريخ
- أكتوبر ١٩٩٢
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22438 (3 views)