شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 73)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 73)
- المحتوى
-
عبد الرحمن بسيسو حت
ليل الصحراء تلال ورمال نابضة بالحياةء وتسطع في ليلها أضواء أرجوانية: ومتعددة الألوان حسب
انعكاسها على الكثيان الرملية وعلى الارض والسماء والافق» ووراءه تغيب المدرسة ويغيب البيت»
وتنطفىء أضواء الشوارع «متعبة وواهنة», ينطوي شاطىء غزة على ظلام يتراجع فيه وكالسماء
المرتدة الى أعماقهاء الى ذاتهاء يتكوّر حامد مرتداً الى أعماقه. متأملا ذاته ومسيرة أعوام طويلة من
الثبات والصمت, بايجاز: تغيب غزة بما انطوت عليه من سكون وثبات وركون الى العادي والمألوف
واتكاء على حائط العجز والانتظار, تمحى في ليلها العادي» وتجيء الصحراء فجأة: «مخلوقاً يتنفس
على امتداد البصر, غامضياً ومريعاً وأليفاً في وقت واحد»(* ") تجيء سديماً غامضاً يتفتح مع وقع
الخطوات .
ولكن كناء في ضوء ما سيق» نقيم تعارضاً بين صمورة غزة وصورة الصحراءء فمرب ذلك الى أثنا لا
نقبض على مدلولات أي من الصورتين الا من خلال حركية الدلالة المتعارضة بينهما؛ حيث في وسط
هذه الحركة يقبع حامدء ومنظوره الرؤيوي التابع من مشاعره الخاصة. ومن وقع الاحداث التي
يواجهها مع اختراقه للصحراءء كحدّء أى مكان محرّم. ويظل المغزى العميق لهذه الدلالة ماثلاً في
التناقيض لاد بين المدينة الغارقة في ثباتها وصمتها المميت, والموغلة في ليلها العادي: والصحراء!
الصحراء تتفجر حياة والتى تنفجر فيها أحداث مفتوحة على توترات غامضة ستكون دالة على انفجار
«زمن الاشتياك». 1
وعلى الرقم من أن غزة تمارس حضورها في النص عبر لحظة غياب؛ ومع نهوض الرؤية السابقة
على ادماج بين غزة ة والمخيم, ٠ فإننا نلحظ تمايزاً طفيفاً نشي به الاشارة الى شوارع غزة وأضوائها
المعلّقة. وهي أشياء يفتقدها المخيم؛ المعتم دائمأًء والذي ينكقىء على أزقته وممراته الضيّقة, كما
سترى.
ينثق المخيم كمكان هو منفى داخل الوطن؛ من خلال آلية التداعيء التي تحكم السرد الروائي
في «ما تبقى لكم»؛ وهو يتشكل ويْيد | ويد أ عبر تداعيات حامد ومريم» ولا يتسم تشكله بأية استقلالية
عن حركة الشخصيات ورؤاهاء ومسار الاحداث وتطوراتهاء ونظراً لانشغال الرواية بمتابعة تفجرات
حدثينء متوازيين ومتقاطعين» يقع أحدهما في الصحراء؛ والثاني داخل البيت في المخيم» وينهض بالأول
منهما «حامد» وتنهض «مريم» بالثاني» فإن الاشارات الدالة على المشهد الخارجي للمخيم؛ ستحوز
على كثافة حضورها من خلال الحدث الثاني» وعبر تداعيات «مريم». وذلك لأن هذا الحدث يقع في
البيت الواقع في الحيز المكاني للمخيم؛ وندن لا نطلٌ على هذا الاخير الا من خلال الموقع الذي تتخذه
مريم خلف النافذة» أو من خلال تداعياتها عن حدث ما قادها الى التحرك في أزقة المخيم وممراته
الضيّقة أو المرور أمام أماكن يحتويهاء ولقد دلّت القراءة الاستقرائية للفقرات ذات الصلة بالكشف
عن المشهد الخارجي للمخيم؛ على وجود عشر فقرات فقطء تجيء تسعة منها على لسان مريم» وواحدة
فقط على لسان حامد,؛ وعبر تداعيات الاثنين» وهذا ينطوي على استنتاج مؤداه أن المكان لا يوجد الا
من خلال علاقته بالشخصية والحدثء وتطورات الموقف الدرامي, والرؤية التي تنطلق منها
الشخصية في علاقتها به: وهى أي المكان لا يعيش منعزلا عن عناصر السرد الروائي ومكوناته
المختلفة» والرؤيات التي تحدد هويته وتحكمة.
ووكيدأً وتيداًء ومن خلال تتبع الاشارات الدالة على المشهد الخارجي للمخيم؛ كما وردت في
"7 يون فلعطينية العدد 577-556-/71, تشرين الأول (اكتوبر)- تشرين الثاني (نوفمبر)- كانون الأول (ديسمير) ؟1 159 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 235-237
- تاريخ
- أكتوبر ١٩٩٢
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22438 (3 views)