شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 76)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 76)
- المحتوى
-
أماكن المنفى في الرواية الكنفانية...
إنه المكان الذي يحتضن ا موت لا الحياةء بل المكان الذي يتحول فيه الناس الى قطيع» ويرسل الذين
يطلبون الحياة عبر الثورة عليه الى الموت (البناء المهدّم والحائط) وهى المكان الذي انوجد على عجلر
لجمع شتات حشد هائل من بشر هائمين على وجوههم بلا مأوىء انه محض مآوى (بيوت الطين والتنك
والأسطح الواطتة) لا تتوفر له أدنى شروط الحياة الانسانية (الممرات الضيقة والنفايات؛ وما سبق)»
وهى المكان الذي انوجد فيه مركز للاعاشة؛ ليقدم فتات الطعام. ومخينء لتوفير الرغيف, كي يأكل
الناس, قليلاء ليظلوا على قيد حياة انتظار كثير وطويل» دون عمل ودون مستقبل؛ ودون سؤال. وهى
المكان الذي اجترح لنفسه مدرسة هي خيمة؛ محض خيمة . ومقهى هو في حضوره. وفي ارتباطه بالنتن
الخائن زكريا ليس يحمل غير دلالة سلبية؛ أخلاقياً وولنياً. إنه المكان الذي يكثّف دلالته المخيم
يوصفه مكاناً لدزجية وقت بلا وقت» ف خضوع مهين للضرورات القاهرة, واتكاء عاجز على حوائط
الانتظار. بايجان: ليس المخيم سوى سديم غامض يخيم فوق حشد لا يعرف كيف يكون حشد أ إنه
التجسيد الواقعي لسديم المنفى الذي لا يولّد لدى المبحر فيه غير الشعور المر بالاقتلاع وبالعراء
المطلق في مواجهة عالم غادرته الرحمة؛ فهل يقود هذا الشعور الى العدم؟ أم يقوب الى اجتراح معجزة
الفعل؟("؟) إنه أمر متروك الى الوعي الانسانيء الفردي والجماعي» وتحولاته: هذا هوما تقوله الرواية
الكنفانية, وما سنعوب اليه في سياق تعرفنا على تحولات الدلالة وتباين المدلولات الخاصة با مخيم.
تلك هي بذية غزة» التي تبدت في الرواية كبنية للغياب, تنطوي في مدلولها على ثبات عميق وفرق
في عادية الليل: وتلك هي بنية المخيم الذي تحتضنه مدينة تنطوي على سكونها وتوغل في الظلام» إنها
بنية المتاهة, بنية الولوج في سديم ليل بلا نهارء أو نهار ليس كالنهارات: بنية الزمن الضائع؛ والمكان
الضائعء والحضور الكثيف لشراسة المنفى وقسوة الاقتلاعء إنها بنية موت ليست كلموت» وحياة
ليست كالحياة؛ وهما يخيّمان بوطأتهما العاتية ويغشيان وجد انات بشر اقتلعوا من وطنهم ؛ من مدنهمء
وقراهم وبيوتهمء وقذفوا الى عراء نبتت فيه بيوت طين وتنك؛ وأسقف واطئة؛ فصارت «معسكرأ»
وصاروا: لاجثين... قماذا عن هذه البيوت؟ وماذا عن ساكتيها؟
تقدم «ما تبقى لكم» بيتاً ليس كالبيوت» لأنه البيت الذي فيه تتكثف المأساةء فيكون هو كل
البيوت» فماذا عنه؟ كيف يرتسم في الرواية» كيف ينبثق ويتشكل في بنية دالة وما هي مدلولات هذه
البنية؟ هذا ما سنذهب الآن الى محاولة الاجابة عنه.
البيت: قبر... ونعوش وموتى
لا تقدم «ما تبقى لكم» أي وصف للشكل الخارجي» الهندسيء للبيتء فنذهب الى الاعتقاد بأنه
لا يتميز عن البيوت الاخرى التى هى بيوت طين وتنك ذات أسقف واطكةء ف غير آن هذا الاعتقاد الذي
نختزنه في الذاكرة ثم ننساه مع لهفة تتبعذا للأحداث في سياق قراءة أفقية؛ للنصء قد لا يظل على حاله
لى تعمدنا نوعاً من القراءة الرأسية, العامودية؛ كالتي نحاولها الآن, ذلك لآن هذا النوع من القراءة
هو وحده القادر على اكتشاف النص, والتعرف على بنياته الدالة ومدلولاتهاء ولقد أعطت هذه القراءة
استنتاجاً مؤداه ان المكونات الداخلية للبيت كبنية هندسية لا تتساوق مع الاعتقاد بأنه بيت طين أى
تنك.واطىء السقف, فالاشارات المتكررة, والتي ينثرها السرد الروائي: هنا وهناك: حسب مقتضيات
الحدث وتطوراته؛ وحركة الشخصيات داخل البيت الذي هو مكان للحدث الذي يتوازى ويتقاطع مع
حدث آخر يقع في الصحراءء كما سبق القولء هذه الاشارات تدل على أذنا بإزاء بيت مغاير لتلك
البيوت. فلنذهبء إذنء لقراءة الاشارات: متوخين الكشف عن آليات انيشاقهاء وصلتها
العدد 17-5570-/1577, تشرين الأول (اكتوبر) تشرين الثاني (نوفمبر) كانون الأول (ديسمبر) 1595 ليون فلمطفية هلا - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 235-237
- تاريخ
- أكتوبر ١٩٩٢
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22438 (3 views)