شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 80)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 80)
- المحتوى
-
أماكن المنفى في الرواية الكنفانية...
يغيب بعد الألقة, ولا تحضر غير أبعاد الكراهية والمقت... قالسرير؛ هذا المكان الاليف للانسان
الذي يعيش حياة طبيعية» ينطوي؛ بمعنى أو بآخرء على قيمة القوقعة, على حد تعبير باشلارء وذلك
لارتباطه بلحظات هدوء عميقء وخل الى الذات» وراحة بعد عناء يوم عمل طويل» ولكنه هناء يقف على
النقيض تماماً, إنه المكان الذي فوقه تقع أشد الاحداث مأساوية والماً: اغتصاب مريم» موت الخالة,
استلقاء حامد عليه قبالة الساعة التي تكدّف في وجدانه قسوة الزمن ووقعه الضاغط لأنه زمن فارخ
غير معبأ بأي فعل انساني خلاق . لقد يدا السرير في منظور حامدء وفي منظور مريم التي تكشف عن
رؤية حامد دون أن تفسّرهاء نعشاً حقيقياً. عليه ماتت الخالة وقبالته تموت اللحظات: وفوقه ماتت آمال
مريم بزواج حقيقي» والسرير بهذا المعنى» يتجاوب في دلالته مع الساعة التي هي نعش للزمن المعلق
ميتاً على جدان البيت» » ومع الساعة اليدوية التي يحملها حامدء ثم؛ في ما قبل لحظة الفعلء يطرحها
فوق رمل الصحراءء وفي هذا التجاوب ما يشي, دائماًء بالدور العميق الذي يلعبه الزمن في رواية «ما
تبقى لكم» عبر تجسداته المكانية: ومن خلال حضوره المكثف في آليات التداعي التي تحكم السردء
وتأثيره اللخ الحدة على الشخصيات. وبخاصة: حامد ومريم» وعبر حضوره كبطل رئيس كمجال
حيوي فيه تتحرك الشخصيات وتقع الاحداث: وتحوز الأماكن على زمانيتهاء فتصبح أمكنة زمانية
تكثف المعاني المتحولة للزمان مع تحولات الاشخاص والمواقف.57١)
ولا يبقى الآن من محتويات البيت غير الطاولة ومقاعد الجلوسء والطاولة ليست واحدة يل اثنتين,
تجيء الاولى والثانية عبر اشارتين سريعتين: ومن خلال تداعيات مريمء الاشارة الاولى لا تنطوي على
أي مغزىء فهي عابرة: ديكورية؛ فليس من شيء يمكن استنتاجه بشأن رؤية ذات مغزى للطاولة من
القول: «ثم استدار ومدٌ يده الى الطاولةء فخشخشت علبة الثقاب وأشعل لفافته...»(5')), ليس من
وظيفة غير الوظيفة العادية جداً التي تؤديها الطاولة في أي بيتء غير ان الطاولة الاخرىء طاولة المطبخ,
تنطويء يفعل صلتها بحدث عميق الدلالة, حدث هو ذروة الاحداث وهو نهاية الرواية : مقتل زكريا على
يد مريم الذي يتقاطع مع مقتل الجندي الاسرائيلي على يد حامد في صحراء النقبء على مغزى عميق
ان تصبح الطاولة رديقاً للقبره ولكن مغزى القبر هنا لا يتجاوب مع مغزاه الكامن في محتويات البيت
الاخرىء كالسرير والساعة: إنه من وجهة نظر مريم ومن خلال الرؤية التي تبثها الاحداث عبر
تقاطعاتهاء قبر مقايرء ف «قبر عن قبر يفرق» إن الطاولة قبر لواحد من الذين ساهموا في تحويل حياة
حامد ومريم الى موت مخدٌ مخيّمء أي أنها قبر للموت نفسه: لزكرياء الخائن المخادعء النتين: الذي أدت
تحولات وعي مريم لتاب من غياب أخيهاء واكتشافها لدناءة زكريا وقذارته؛ إلى ان تدفع السكين,
بكل ما فيها من قوة» كي «يغوض في لحمه بطيئاً ولكن تابتأ»( *'). حيث «انتفض وتساقط وتكوم بين
قدمي الطاولة» 77" التي أصبحت قبراً لجثته, ورمزاً للخلاصء أو بدايات الطريق اليه... وعلى هذا
النحو من التغاير الدلالي يمكن ان نرى الى صحراء الكويت القبر بالنسبة للفلسطينيين في «رجال في
الشمس» وصحراء النقب . القبر بالنسبة للاسرائيلي في «ما تبقى لكم» ف «صحراء عن صحراء
تفرق».
ولا تنطوي الاشارة الى مقاعد الجلوس على شيء غير الالماح الى أسلوب زكريا في التعامل مع مريم
ومع البيت» والايحاء بانشغالاته التي تشي بإقراره بالامر الواقع؛ ورضاه باستبدال المخيم بالوطن»
مع سعي «على قدرما يسمح الجيب»("). الى تحسين شروط الحياةء اذ تخبرنا مريم؛ عبر تداعياتها.
ان زكرياء غير المنشغل بغياب حامدء ورحيله عبر الصحراءء أى بانشغال أخته عليه قد استيقط من
النوم ليقول لها: «أعتقد أن السريرين لا بأس بهماء ولكن سنحاول استبدال مقاعد الجلوس في
العدد 177-770/الاا؛ تشرين الأول (اكتوبر) تشرين الثاني (نوفمير) كانون الأول (ديسمبر) 155037 ليون فلسطنية 9/4 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 235-237
- تاريخ
- أكتوبر ١٩٩٢
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22438 (3 views)