شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 81)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 81)
المحتوى
عبد الرحمن بسيسوي ححح
الغرفة الاخرى»(24,
لم يبق من محتويات هذا البيت الاستثنائي غير الساعة ؛ ساعة الحائط التي كان حامد قد جاء
بها الى البيت دف تموز ما» ووجد أنها «تشية نعشاً صغيراً . فلنذهب في ضوء الخطوات التي نتبعها
الى التعرف على هذه الساعة ‏ النعش.
الساعة ‏ النعش
مثّل كل شيء في رواية «ما تبقى لكم» تنبثق الساعة؛ وتتشكّل حركتها الدلالية» من خلال أسلوب
التداعيء وآلياته التي يتداخل معها كل شيء بكل شيء: الاحداث: والشخصيات. والمواقف, والأزمنة,
والامكنة... الخ تداخلاً يجعل من السرد الروائي مجالا للغوص في أعماق الذات؛ وقلب الاشياء؛ ولِبّ
الزمان والمكان, وشاشة تعرض ما لا يُرى» وصوتاً يقول ما لا يُقال.. أنه مجال البوح وانبثاقات الذات
العميقة التي تكتشف نفسها وتكشفهاء فتضيء ما يُعرض على الشاشة» وتعطي للصوت ايقاعه
الخاصء ونبرته الدالة, ومغزاه العميق. ‎١ ١‏
وللساعة التي هي أحد أبطال «ما تبقى لكم» صوتها الخاص الذي ينسرب في ثنايا السردء ولا
يترك فراغاً بين الكلمات الا ويسعى الى الاستقرار فيه, إنه صوت الزمن الميت: أو هو صوت الصمت
الذي يشتبك على امتداد السرب مع صوت الزمن الآخر, الزمن المحشوب بالحياة: ممكْلاً في خطوات
حامد في قلب الصحراءء وهذا الاشتباك بين الزمنين هوما يعطي للرواية مغزاها وصيرورتها ؛ فهو خالق
التوتر الدرامي» وهو المجال الذي تموت فيه الشخصيات أو تحياء وهى الحيز الذي تتحقق فيه الهوية
أى تضيعء يصبغ الانسان والاشياء والمقاهيم يصيفته؛ فين كان حياً عاشت, وإن كان ميتاً تموت»
ولكنه قبل ذلك؛ ويعدهء مشروط برؤية الانسان له؛ ويفعله أى ثباته فيه انه مشروط بوعي الانسان
لوجوده في الوجود. ويتحولات هذا الوعي وماهيته.
عبر تداعيات مريم» وكلمات حامد التي تأتي محمولة على صوت تداعياتها كدوار مستعاد أى
خطاب موجه لحامد الطالع من الماضيء أو الغائب في الحاضي. وكلمات زكريا المنسربة عبر تداعيات
مريمء أو عبر كلماتها الموجهة إليه وهى نائم الى جوارهاء قريباً وبعيداً كالموت, وعبر اشتباك وتداخل
بين الضمائر: المتكلم والمخاطب والغائبء عبر ذلك كله؛ وفي سياق السرد الروائي» ينبثق حضور
الساعة وتتبدى تجلياتها ومنظورات الرؤية اليهاء ودائماًء عبر مريم وتداعياتها. وفي أول إشارة للساعة
في سياق ‎١‏ السرن الروائي» وعير توجيه الحديث الى زكريا النائم الى جوارها بعد ان غادر حامد البيت»
تقول مريم: «ليس ثمة من تبقى لي غيرك... وأنت تبدى بعيداء رغم أنك في فراشي. .. تتركني وحدي
أحصي تلك الخطوات المعدنية الباردة تدق في الجدار. تدق. تدق. تدق. د اخل النعش المعلق أمام السرير
- لقد اشتراها هو وحملها من السوق في تموز ما... ونظر أليها بين ذراعيه: «ساعة حائط؛ ولكنها تشبه
نعشاً صغيراً » أليس كذلك؟» ودخلنا فاتجه مباشرة الى الغرفة التي كنا ننام فيهاء كان المسمار الكبير
مثبتاً مباشرة أمام سريره فعلّقها »وأنا أسند له الكرسي . ثم نزل وأبتعد وأخذ ينظر اليها برضىء الا أنها
لم تتحرك. فكّر قليلاً, فقلت له: «ربما تحتاج الى تعبئة» فرفع رأسه نافياً وقال: «أعتقد انها ليست
مستقيمة. إن ساعة الحائط ذات الرقاص لا تشتغل اذا كانت مائلة» وصعد الى الكرسي مرة أخرى
وأخذ يحرّكها ببطءء وكأنه يصويها تصويباً. وفي اللحظة التالية بدأت تدق ولاحظنا معاً أن دقاتها
المعدنية تشبه صوت عكار مفرد. وحين أعاد الكرسي(5') الى مكانه سألته السؤال الذي كان يتوقعه:
«بكم اشتريتها؟» وأجابني الجواب الذي لم أكن أتوقعه: «لم اشترهاء سرقتها»؛ ومنذ ذلك اليوم,
194917 ‏شُْون فلسطية العدد 117-6-/0؟؟؛ تشرين الأول (اكتوبر)- تشرين الثاني (نوفمبر)- كانون الأول (ديسمير)‎ 8٠
تاريخ
أكتوبر ١٩٩٢
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 17766 (3 views)