شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 82)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 82)
المحتوى
حب ذماكن المنفى في الرواية الكنفائية...
وهي معلّقة هناك: تدقّ خطواتها الباردة كصوت عكاز مفرد بلا توقف. تدق. تدق»(:").
أطلنا الاقتباس السابق» مرغمينء لأنه يمثل مدخلا ضرورياً لقراءة تمظهرات الساعة وتجلياتها
وعلاقاتها المختلفة؛ فليس ثمة من كلمة نافلة فيه إنه نص تأسيسيء» يقول ويفتح آفاقاً للقول, إنه
ألنص - البوّرة؛ منه تنفلت الخيوط الدلالية التي سيجرى تعميقها على امتداد السردء وفيه تتكثف
رؤية كل من حامد ومريم للزمن الضاغط ووملأته الثقيلة على النقس »قهما معاًء ؛حامد ومريم» قد لاحظا
أن للساعة «دقات معدنية» تشبه «صوت عكاز مفرب» وهذه الدقات العاجزة المتكئة على عكاز يشي
بالعجنء الملاحذلة منذ البدء؛ هي التي ستتواصل على امتداد السرد حتى اللحظة الاخيرة التي تسبق
نهايته: وبدء زمن آخرء وستتبدى هذه الدقات عبر صور مختلفة ولكنها تصبٌ في مجرى دلالي واحد»
فهي, عبر رؤية مريم المنبثقة عبر توالي السردء «الدقات المعدنية المخنوقة في الجدار, أمامي» دقات
النعش»7"). وهي ما تبقى من حامد بعد غيابه «أصوات خطوات معدنية تدق على الجدار بلا نهاية
مثل عكاز فقد اتجاهه ولم يتبق لي ما أفعله الا عدّهاء(؟"). وهي «دقات مبحوحة؛ قاطعة وساخرة تدقٌّ
في الجدار بلا رحمة»(؟"). وهي أيضاً «تلك الدقات الرهيبة للعكاز الذي فقد اتجاهه»('). وهي صوت
العكاز الذي «ينتزع نفسه بائّساً وهو يدق خطواته الابدية المفردة في نعش صغير مغلق بإحكام (*).
إنها إذن دقات زمن ما يلبث ان يولد حتى يموت: لأنه يولد في نعش مغلق بإحكام ينتظر معجزة تفتح
النعش أو ترسله الى قبر أبدي!
إن مريم التي رأت ما تنطوي عليه الساعة من تجسيد لزمن عاجن, ثم رأت فيها نعشاً تستمر,
على امتداد السرب في إقامة الموازاة, أي التقابل التجاوبي بين الساعة ‏ النعشء وبينهاء وفي اقامة
تقابل ضدي بين دقات الساعة وخطوات حامد التي يقرعها بلا تردد فوق صدر الصحراءء وهو التقايل
الذي تنهض الصحراء نفسها بإيرازه وإثراء دلالته مثلما يؤكده حامد عبر حركته المتوثبة في الزمان.
ونستطيع ان نرى بذره هذين الامرين في النص التأسيسي المشار اليه وذلك من خلال اثباته الايحائي
لرؤيتين متغايرتين للزمن» وإشارته الى آليات اشتغاله» فثمة زمن مستقيم» وزمن مائل؛ فالساعة تكفٌ
عن الاشتغال حين تكون مائلة بينما تعمل حين تكون مستقيمة على الجدارء فتنسرب دقاتها في تسلسل
وتوال أفقي» وهكذا نكون بإزاء ثلاثة مفاهيم للزمن: زمن أفقي» وزمن مائل؛ وزمن رآسي يقف على
النقيض من الزمن الاول. الزمن الافقي هى زمن التسلسل والتواليء زمن يقذف باللحظات ويمضيء
تجيء اللحظة وهي مسكونة بالموتء تقتل سابقتها لتحياء فما تكاد تفعل حتى تموتء انه زمن للموت»
يشتغلء ومن هنا وقع وجلآته التقيلة على الانسان الذي يتوق الى حياة الزمن» وحياته في الزمان: انه
زمن الساعة ‏ النعش المعلقة على جدار البيت. زمن حامد ومريم قبل ان يبادرا الى الفعل في الزمان.
أما الزمن المائكل فهى زمن بلا زمن؛ ووقت بلا وقتء إنه القراغ المطلق والحياة خارج الحياة, سديم
الكون قبل ان يكون والمخلوقات قبل ان تخلقء إنه زمن زكريا وأمثاله, زمن الاستكانة والسكون,
والرضا بالحالء إنه الزمن الذي يقترح حامد على مريم أن تعير اليه كي تعثر على هد أة البال: «وإسمعي
يا مريم» إذا كانت تلك الساعة اللعينة تسبب لك الأرق فلدي الحل. أتعرفين يا مريم» إذا أملناها قليلاً
الى الجانب توقف الرقاص, أنا أعرف هذا النوع اللعين من ساعات الحائط, لا يتحرك رقاصها الا اذا
كانت معلّقة بصورة مستقيمة»(7 ". إن زكريا يرفض الزمن الافقي لأنه يذكّر بالزمن الذي مات والذي
يموت: وهو أيضاًء » يرفض الزمن الآخر الذي ذهب حامد لاجتراحه لأنه ينطوي على فكرة ان يكون
الانسان فدائياً فادياً وفاعلاً في الحياة, وهي الفكرة التي تقف على الحدّ المناقض لاغراق زكريا في
الخيانة. واستكانته» واستغراقه في النوم.
العدد 157-755-/771, تشرين الأول (اكتوير) تشرين الثاني (نوفمبر) ‏ كانون الأول (ديسمير) 15517 شين فلسطزية ‎١‏ /
تاريخ
أكتوبر ١٩٩٢
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 22438 (3 views)