شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 83)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 83)
- المحتوى
-
عبد الرحمن بسيسو ححد
أمّا الزمن الرأسىء فهو الزمن الذي بدأه حامد منذ بدء السرد» إنه الزمن الذي تحتضن فيه
اللحظة اللحظة؛ تتعانقان, فتولد لحظة كالثة, هي شيء من هذه ومن تلكء إنه الزمن الذي يتواشج فيه
الماضي مع الحاضي عبر ما هى جدير بالحياة من كليهماء وما هى قادر على خلق لحظة المستقبل التي
تتخلق في رحم إرادة الانسانء إنه زمن «دقات محشودة بالحياة»!!"): إنه زمن إجادة التصويب؛ زمن
سرقة الزمن: أي جعله في حوزتناء ملكناء وهما الامران اللذان حاولهما حامد في النص التأسيسي
المشار اليه بما ينطويان عليه من مدلولات: وما يكثقان من نبوءات أحالهما حامد الى وقائع في الزمان
لحظة أن أحست الصحراء «بخطواته على الحافة» أي لحظة أن غادر المخيم والبيت وغزة كاماكن
يخيم عليها وعلى ناسها زمن أفقي باهظ لا يرحم؛ زمن يتوكأ على عكاز مفرد داخل نعش مغلق بإحكام .
ومثلما هي الساعة حيزاً نعشاً لموت زمن باهظء هكذا ترى مريم لنفسها فتقيم تقابلاً تجاوبياًء
بينها وبين الساعة؛ هو على النقيض من التقابل الضصدي القائم والمتنامي بين زمن حامد؛ زمن
الصحراءء وبين زمن الساعة النعشء الزمن المخيم على البيت وعلى المخيم. إن مريم التي تعيش
الدقات الرهيبة للعكاز لا تعيش موت اللحظات بقدر ما تعيش موتها. انها «جثة تتومج»' (0]) داخل
الثياب» وهي ترى الى الساعة وهي «تشيع نفسها كل صباح في نعشها الصغير»!؟") أمام عينها وهي
تبدل ثيابها التي تفلل مشتعلة بوهج الموث عندما تخلعهاء وتعلقها على الجدان. إن الزمن الذي يموت
داخلٍ الساعة النعشء هو نفسه الذي يموت داخل مريم الجثة التي تتوهج بموتها يصير جسدم]
نعشاً آخر, وتبدى هي أمام نفسها «فتاة» مقطعةٌ تشيّعها دقات مبحوحة؛ قاطعة وساخرة»(:*). إنها
عاجزة عن التعرف على كينونتهاء وعن إدراكها في تلاحمها وكليّتهاء فليس في هذا البيت القبر. مرآة
واحدة يمكن أن تنعكس عليها صورة كلية لأي من سكانه؛ مثلما لا تعكس الساعة النعش أي
حضور كلي للزمن: بل تدفن الزمن الذي ماتء والزمن الذي يولد ليموت» فتكثف بحضورها حضور
الموت, فيتجسد موت الزمن في مكان هو الساعة النعشء مثلما يتجسد موت الذات عبر تشظيها
وتمزقها من خلال مرآة صغيرة تصبح بدورها نعشاً آخر. تقول مريم: «لم يكن ثمة في البيت كله مرآة
كبيرة واحدة لأرى جسدي فيها مرة واحدةء كنت أرى وجهي - وحين أحرّك المرآة فتمر صورة
صدري ويطني وفخذي تبدو لي قطعاً غير موصولة بعضها ببعض»( '4), وعلى هذا النحومن الاحساس
العارم تشظي الذات؛ ويتمزقاتهاء ترى مريم الى نفسها في الساعة النعش والسرير النعشء والمرآة
النحش» فهي وقد خلعت من حياتها «خمساً وثلاثين سنة... سنة سنة وقطعة قطعة,9؟): وراحت
تبحث عن حلّ لتشظياتها » ومأساة حياتهاء عير علاقتها بزكريا »لم تجد في هذه العلاقة غير تعميق
للمأساة» ومزيد من التمزق والتشظي. وعلى هذا النحى يكون ماضيها هى ماضي حامد؛ غير ان لهذا
الأخير حاضراً هو على النقيض من حاضرهاء وهي إذ تدرك هذا الامر, عبر توترا ت طويلة تتكثف في آخر
الأمر في حوارها الكاشف مع زكرياء تكون قد أدركت أن لخطوات حامد مغزى عميقاً إن هي التي
تعطي للزمن الانساني جوهره ومغزاه ؛ تعطيه حياته وكينونته فق الوجود.
ويكون هذا الادراك مقدمة ضرورية لتحول الوعي وانبثاق الوعي الممكن الذي يتخلق في لحظة
الفعل نفسهاء أو قبل برهة نكاد لا نقبض عليهاء ويكون لتقاطع الفعل الذي تقدم عليه مريم “مع الفعل
الذي يقدم عليه حامد؛ ووقوعهما في لحظة واحدة من الزمن المحشوب بالحياة مغزاه العميق: اجتماعياً
ووطنياً بما ينطوي عليه من رؤية تصل التحرر الوطني بالتحرر الاجتماعي؛ وتجعل من التحرر من
الماضي الميت مدخلا ضرورياً للولوج في زمن الحياة والفعل.
قبل هذه البرهة التى نتحدث عنها يكون حامد قد اطّرح ساعته اليدوية التى بدت له «مجرد
: : 3 ب ح يدوية ألتي ب
6 شْيُون فلسطزية العدد ٠957-977-/1؟7؛ تشرين الأول (اكتوير)- تشرين الثاني (نوفمبر) كانون الأول (ديسمير) 15595 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 235-237
- تاريخ
- أكتوبر ١٩٩٢
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22438 (3 views)