شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 84)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 84)
المحتوى
أماكن المذفى في الرواية الكنفانية...
قيد حديدي يفرز رعباً وترقباً مشوياً»(” *), وبدت للصحراء مجرد «قلب معدني صغير في جسد
عملاق»(*؟ *) هى «الشيء الوحيد الخارج عن الزمن الحقيقي»'” 0 إلذي يرفع «ذلك الجدار الذي لا
يخترق والذي يرفعه المجانين عادة بينهم وبين العالم»(1"): وما أن يطرح حامد ساعته اليدوية قيده,
«لتخبط بصوت مخنوق على الارض»(” *) ولتموت؛ وحيدة» فوق رمل الصحراء؛ حتى يشعر أنه أاصبح
حرا في مواجهة العالم» بلا قيد من ماض أو حاضر عاجن, لأن اطّراحه الساعة ‏ القيد وقبر الزمن,
هى أشيه ما يكون بخلاص من «قشرة ناشفة لدمل قديم»( 04), مكذ! يصير حامد ندا للعالم: «لقد
شعرت. من ثم, براحة أكبر وأنا أنفرد بالليل دون وسيط. انهدم الجدار فجأة. وأصبحنا ندّين في
مواجهة مباشرة لعراك حقيقي بسلاح متكافء وبشرف»2(**). وتصير خطواته الوائقة الطليقة هي
وحدها المقياس الحقيقي للزمن وهي وحدها التي تحشده بالحياة» ويصير العالم ‏ الزمن: مسافة «من
الخطوات غير مربوطة بعقربين صغيرين»(”.
وفي سياق المواجهة المباشرة مع العالم تحدث التحولات العميقة في وعي حامدء وتتكثف هذه
التحولات في سؤال الهوية: من أناء ولا تتحقق الاجابة عن هذا السؤال الا بحوار الذات» وحوار الآخر
- العدىء وفي سياق «زمن الاشتباك» حيث في الصحراء يلتقي حامد بذاته؛ مثلما يلتقي بعدوه -
الجندي الاسرائيليء وحين يقرر حامد الاستمرار في المواجهة» ويتخلى عن قرار الذهاب الى الأم ‏ الملجاً
ويواصل ترسيخ قدميه في أرض الأم - الوطنء ويرفض قتل الجندي الاسرائيلي قبل وصول الدورية
العسكرية الاسرائيلية بأكملها ليؤكد انه لا يواجه فرداً اسرائيلياً بل مؤسسة عسكرية اسرائيلية سرقت
فلسطين وشردت أهلهاء حين يحدث كل ذلك: وحين يقع فعل الذروة ‏ النهاية: قتل الجندي الاسرائيلي
بالطريقة التي أرادها حامد وخطط لهاء يكون حامد قد وضع خطواته الوائقة على الطريق المؤدي
للاجابة عن سؤال الهوية والخلاص من زمن الموت: مؤكداً لنفسه؛ ولناء أن الوطن هى المجال الحيوي
الوحيد للزمن الرأسي الحاشد بالحياة الذي فيه تؤكد الهوية حضورهاء وتواصل تخلقها في أفق
مستقيل مفتوح.
وقبل هذه البرهة التي يصعب القبض عليهاء تكون مريم قد قاربت نهاية الشوط في بحثها عن
ذاتها ومستقبلها؛ ذلك المراوح بين أزمنة ثلاثة: زمنها الأفقي الذي فيه ماضي حامد وماضيهاء
وحاضرهاء وزمن زكريا المائل الذي يحاول فرض حضوره عليهاء وزمن حامد الرأمي الذي يدعوها الى
الانخراط فيه. وتكشف المقارنات الدائمة التي تجريها مريم بين هذه الأزمنة عن توترات بالغة الحدة
تنبىء بتحول في الوعي يقود الى فعل يجسّده . وينبثق هذا التوترمن الحضور الداكم للساعة ‏ النعش؛
ولوقع خطوات حامد, ولاغراق زكريا في نومه» واستغراقه في زمنه المائل. إن الساعة النعش لا تكفٌ أبداً
عن اعلان حضويه في وجدان مريم: «كأن العكاز المفرد عثر على ممر ما فمضى يجربه كدأبه كلما
خرجت من الغرفة»(١').‏ وخطوات حامد لا تكف عن الحضور والاعلان عن تناقضها الحاد مع دقات
الساعة - النعشء على امتداد السردء انها الخطوات التي تدق بثبات أرضاً بعيدة, ولكنها تدق: عبر
وجدان مريم ومشاعرها » في قلب ألبيت» وفوق جياه القابعين فيه؛ وفي المخيم, وف غزة؛ وفي كل مكان
للنفي والموت: «وكان حامد يبتعدء يدق فوق جباهنا خطواته العنيدة بلا رحمة: فيبدو وقد ذوّيه المدى,
1 إلا أاصوات ت خطواته العنيدة التي لا تنتهي» آخر قطار غادر المحطة المهجورة, وتركنا على
يفها المحطم, نستمع الى صوت الصمت المفعم بالغرية» والوحشة والمجهول. يدق يدق. يدق»27).
9 يجيء ادراك مغزى خطوات حامد الا بالمقارنة مع الساعة ‏ النعش من حيث كونها تذكرة دائمة
با ماضي الميت ونعشاً «يسجن الحاضر في الماضي»7”*) . ونعشاً يحتوي مريم نفسها لكونها حبيسة
العدد 517-755-/1117, تشرين الأول (اكتوير) ‏ تشرين الثاني (نوفمبر) كانون الأول (ديسمير) 15597 يون فلسطزية ‏ لم
تاريخ
أكتوبر ١٩٩٢
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 5125 (6 views)