شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 85)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 85)
المحتوى
عبد الرحمن بسيسو سح
زمن أفقي فيما يلوح في أفق مستقبلها المغلق: زمن مائل. تقول مريم موجهة خطابها الى حامد الغائب:
«لقد منحتني هذا النعشء علقته أمامي» كي أدفنك فيه, ولكن خطواتك هي التي ستظل الى الأبد تقرع
حوله. ولن يدفن فيه الا أناء وحتى بعد أن أدفن في أعماقه ستظل خطواتك تقرع فيه وحوله وفوقه الى
الابدء هذا النعش الصغير المعلّق سيحتوينا جميعاً. وستعلكنا خطواتك ونحن فيه . وستظل أنت فقط
خارجه تكمل رحلتك التي لا تنتهي. لا تنتهي! يا إلهي! ليس بوسع أحد غيرك ان يعرف (4.
ويينما يكون هذا هو شأن الساعة النعش» وشأن خطوات حامد؛ في وجدان مريم؛ فإن زمن زكريا
المائل ‏ الزمن وركريا معأ يمارس حضوره عبر التجاوب الدلالي بين الساعة - النعش. والسرير
النعش» وهو يحتوي زكريا ال «مستغرق في النوم على بعد شير واحد مني. بعيد كالموت»(52
ويؤدي اصطراع الازمنة داخل وجدان مريم الى اجتراح الفعل الذي يكشف عن الوعي
والاختيار: يؤدي تهديد زكريا لمريم بتطليقها إن هي لم تستطع «إسقاط ذلك القرد الصغير(7") على
حد تعبيره, الى الغاء أية امكانية لدخول مريم في زمن زكرياء ولا يبق أمامهاء مع رغبتها في الاحتفاظ
بالجنين: غير العودة مع جنينهاء وماضضيها كله؛ الى زمنها الأفقيء غير أن خشية العار والفضيحة:؛ على
المستوى الاجتماعيء تدفع مريم الى الغاء هذا الخيان إذ فجأة, ودقعة واحدة يتدافع ضجيج العالم
في أذنيهاء وتحضر الأزمنة الثلاثة في اصطراع آخير: «الساعة البعيدة المعلّقة أمام السرير تدق؛ فتعير
الممر وتدخل الى المطبخ حيث كنا نقف وجهاً 3 صبيحة عرسنا. وفاتني ان أعد دقاتها المستغيثة
التي كانت تندمج في صوته العاليء وتتحول معه الى اصطفاق صنوج ‎١‏ معدنية جبارة, تهز بدني
هزأ»("”*). يختلط الزمنان: زمن زكريا وزمن الساعة ‏ النعشء فيتوحد ان في دقات استغاثة, ثم يتحولان
الى «اصطفاق صنوج جبارة» تشي بانبثاق فعل رهيبء إن صوت رزكريا هو صوت زمنه المائل» ودقات
الساعة ‏ النعش التي تلح في حضورهاء تعلن عن زمنها وتستدعي نقيضه: خطوات حامد, وتقف مريم
في بؤّرة اصطراع الأزمنة, وإذ تلمع سكين المطبخ, وسكين الجندي الاسرائيليء تلك الملقاة فوق
الطاولة؛ أى الملقاة على رمل الصحراء بين قدمي حامدء أمام عينيهما «بنصلها الطويل المتوقد08 في
برهة واحدة - أنقول هي البرهة التي يصعب التقاطها... ربما ‏ فإن مريم تكون قد قررت الدخول وق
زمن حامدء في اللحظة نفسها التي يكون حامد مهيئاً للاعلان عن ولادة زمنه: «زمن الاشتباك» بعد
مخاض عسير يتقاطع مع المخاض الذي عبرته مريم. وإذ يقع الفعلان في اللحظة ذاتها ويتقاطعان,
فإن حامد يكون قد أعلن انبثاق: زمن الاشتباك على المستوى الوطنيء زمن انبثاق الهوية الوطنية من
جديدء وتكون مريم بقتلها زكريا قد أجهزت على كلا الزمنين: الافقي والمائل» المتوحدين في صوت ركرياء
وأرسلتهما معاًء الى القبر. بين قدمي الطاولة» في الوقت الذي تكون فيهء مثل حامدء قد أخرجت الزمن
من أسارهء فأعلنت حضور زمن آخر في البيت؛ يتجاوب مع الزمن الذي أعلن حامد حضوره في
الصحراء ‏ الوطن. وياختلاف الزمن» أي باختلاف مفهومه لدى كل من حامد وزكريا تختلف رؤيتهما
للأشياء والاماكن فلا تعود الصحراء في رؤية حامد ‏ أرضاً محرمة: أو عبارة بين خسارتين: أو حدّاً
يتوجب اختراقه للوصول الى الام الملجاء بل تكون هيء كما كانت قبل الاحتلال والاقتلاع والنفي:
الارض - الام - الوطنء دون تراتب أى تسلسل أفقيء بل بتداخل وتفاعل في المدلولات يكاد يجعل
الكلمة الواحدة دالة على رديفاتها ومسكونه بما تنطوي عليه من معان» ومشاعرء وتصورات, أو يكاد
يجعلها كلمة واحدة: الارض الأم الوطن» التي ينغرس حامد فيهاء ويتخلّق في رحمها من جديد : فيولد»
وتولد هويته في فضاء وطن ذاهب الى مستقبله
وكذلك أيضاًء لا يعود البيت قبراً يحتوي أشياء هي نعوش وقبور وأناساً هم جثث محنّطة,
5 يون فلسطزية العدد ‎50/27777٠‏ تشرين الأول (اكتوبر) تشرين الثاني (نوفمير)- كانون الأول (ديسمير) 1951
تاريخ
أكتوبر ١٩٩٢
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 22438 (3 views)