شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 92)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 92)
- المحتوى
-
أماكن المنفى ف الرواية الكنفانية...
حامد ومريم؛ فإن أيا سعد يذهب الى ساحة المخيم التي تحولت من مكان لتجميع قطيع المنفيين لتوزيع
الاعاشة عليهم, أى تأنيبهم لفعل مخالف للأمن قد ارتكبه احدهمء الى ساحة للعرض العسكري,
وللتدريب على فنون القتال: «لقد ذهب تلك الظهيرة الى حيث مكبر الصوت يعلو يحديث لم يكن يسمع
مثله من قبل» ووقف هناك فوق الجدار يرقبء مثلما المصاب بالذهولء أطفال المخيم وبناته ورجاله
يقفزون عبر النار ويزنحفون تحت الاسلاك ويلوحون بأسلحتهم وقد شهد «سعيد» ابنه الاصغر يقدم
أمام حشدد الناس عرضاً عما يتعين على المقاتل ان يفعل حين يتعرض لطعنة حربة كي يتجنب
الأذى... وحين نزل سعيد الى حلقة العرض أخذ الناس يصفقون... ودوّي تصفيق كالرعد في ساحة
المخيم حين تجنب سعيد ضربة الحربة... وفجأة التفت رجل عجوز كان يجلس على حافة الجدار الى
أبي سعيد وقال له: «لى هيك من الأولء ما كان صار لنا شيء»('١١). وفي اليوم التالي لهذا العرض
العسكري يكون «الأفندي أول من يدأ المشيء خارج المخيم»( .)0١ كما تخير أم سعدء والافندي هو
الشرطي _رديف التسلط والقمع وهى الامر الذي يشي » ضمتاًء » بوجود مركز للشرطة» لأن وجوب الشرطي
يستدعي وجود المركنء وهذا الاخير يتحول بغياب الشرطي عن دلالته القديمة ويصبح محض مكان»
قالشرطي هو الذي يعطي لمركز الشرطة دلالته وليس العكس.
لقد أدت هذه التحولات الى مزيد من التحول في رؤّية الناس للعالم؛ فحين ذهب سعد تحسن أبوه
قليلاًء وحين رأى سعيداً يحمل السلاح في حلقة العرضء تحسن أكثرء وهكذا صار يرى المخيم «غير
شكل» 17 مثلما رآه الرجل العجوزء وحشد الناس الذين كانوا في ساحة المخيم, وآم سعد» والراوي,
لأنهم جميعاً كانوا يرون الى الدالية التي برعمت.
أرادت أم سعد الا ترينا شيئاً أى مكاتاً من المكونات الطويوغرافية للمشهد الخارجي للمخيم
بمعزل عن وجوده في بوّرة التحولات الدلالية؛ وعن دوره في الاحداث: وصلته بالشخصيات . وقد تعرفنا
حتى الآن على المخيم في ليل ونهار ماطر وعلى المقهىء والساحة؛ ومركز الشرطة؛ وعلى الازقة والممرات
الضيقة؛ وعلى أسقف البيوت الواطئة... فماذا عن البيوت تفسها؟ عن مواصفاتها (الهندسية) وعن
محتوياتها؟ كيف تنبثق وتتبدى في النصء وما هي حركتها الدلالية ومدلولاتها.
صدمة التعرف... أى فاعلية التضاد
تعرفنا الرواية على بيت وحيد من بيوت المخيم هو بيت «أم سعد». وزيدأ دخولنا الى هذا البييت
«النموذج» مع كلمات الراوي التي تجيء على هيئة جملة اعتراضية: بين قوسين: في اللوحة الخامسة
«الذين هربوا والذين تقدموا». يقول الراوي متحدثاً عن أم سعد: «كان نهارها صحراء قاحلة من
التعب المضني. منذ أبكر الصبح وهي تعتصر الملابس والمماسح. تنظف الشبابيك وتجلى الارض
وتنقض السجاجيد (في بيوت الآخرين, ٠ طبعاً. فبيتها في المخيم غرفة مشطورة من النصف بحائط من
التنك). كانت متعبة: وقد أخذت تعشّي ابنها الصغير لتضعه في فراشه وتنام؛ حين سمعت دوي
الانفجار الاول»(9٠). على هذا النحى لا يحضر بيت أم سعد الا من خلال علاقة تضاد مع بيوت
الآخرين, فهذه بيوتء أما بيتها فهى محض غرفة مشطورة بحائط من التنك؛ تذكرنا بغرفة أبي قيس
في «رجال في الشمس» المشطورة بأكياس الخيش. ١
وفي اللوحة الثامنة «أم سعد تحصل على حجاب جديد» ندخل الى البيت في سياق أحداث تقع
داخله, وهي أحدات كانت قد وقعت قبل ان يغادر الافندي الشرطيء المخيمء وقد روتها أم سعد
للراوي الذي يعيد رواياتهاء أى هو يكتبهاء كما كانت طلبت منه أن يفعل: دائماً. اعتاد الافندي
العدد 177-758-/117, تشرين الأول (اكتوير) تشرين الثاني (نوفمبر) كانون الأول (ديسمبر) 15517 لثزون فلسطزية 41١ - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 235-237
- تاريخ
- أكتوبر ١٩٩٢
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22438 (3 views)