شؤون فلسطينية : عدد 208 (ص 67)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 208 (ص 67)
المحتوى
د. نبيل حيدري
الهستدروت؛ بأقل من نصف الناتج القومي الاجمالي بقليل!"). وعليه؛ فإن «كل هذه العوامل,
مجتمعة, جعلت النشاط الحكومي محور الاقتصاد»» وأتاحت للحكومة ممارسة وسائل التأثير في
الحياة اليومية ورفاهية المواطنين؛ «الى درجة غير معتادة في أي دولة أخرى»(2.
جواب ثالث يختزل المسألة كلها الى معالجة مالية شبه بحتة؛ اذ يرى اصحابه ان التدقق الهائل,
والمستمر, لرؤوس الاموال على اسرائيل؛ مكّن الاقتصاد الاسرائيلي من تحقيق معدّلات استهلاكية
تعتبر في مصاف المستويات العالية, قياساً ببعض الدول المتقدّمة؛ على الرغم من ضخامة
الاستثمارات: وعلى الرغم من الانفاق الكبير على اوجه الاستيطان وعلى القطاع العسكري والقطاعات
المكمّلة له. وهذا التدفق لرؤوس الاموال هو الذي أعطى القيادة السياسية الاسرائيلية والادارة
الاتتصادية هامشاً واسعاً للمناورة» ومجالاً رحبا لتجاهل قواعد الاستخدام الرشيد للموارد
الاقتصادية؛ من دون ان تبرن اختلالات اقتصادية خطرة!").
جواب رايع يخرج بالاقتصاد الاسرائيلي من حدوده القومية؛ ويؤكد ان مسؤولية النمى تقع»
اساساًء في خانة الارتباط الحيوي بالسوق الخارجية؛ بخاصة أسواق الولايات المتحدة الاميركية
وأوروبا الغربية. حيث ان التفاعلات الاقتصادية والتجارية مع هذه الأسواق؛ تعني» بالضرورة,
حصوله على مزايا اقتصاد الحجم الكبير (وفورات النطاق)؛ بما تعنيه من تكامل الاسواق والاستغلال
الامثل للطاقة الانتاجية المتاحة؛ فضالا عن اقامة المشروعات التنموية المشتركة ذات الحجم الكبيرا' ').
لن نرفض ايا من هذه الاجوبة؛ رفضاً قاطعاً. ان الرأي القائل بغلبة الاعتبارات الايديولوجية على
الاعتبارات محض الاقتصادية له مبرراته, لعل اهمها ان المشاريع التي تنفّذها اسرائيل لا يرقى اليها
سوى الدول الكبرى. ففي الوقت الذي تنفق اسرائيل ‎٠٠١‏ مليون دولار على اطلاق القمر الاصطناعي
التجريبي» وترصد مبلغ مليار دولار لانجان برامجها الفضائية الاخرى؛ فان كبرى الشركات
الاتتضادية؛ وفي مقدّمها المجمّع الصناعي العملاق ( كور )» تعاني من متاعب جمّة بسبب الخسائر
والديون المتراكمة!'). من هنا يسود اعتقاد مفاده ان اسرائيل لا تواجه ازمة سيولة مالية» مثلاً» بل
تواجه مشكلة سلّم أولويات. لكن هذا الاعتقاد يتناقضء بدوره؛ مع واقع استمرار الأزمة في البلاد,
أيَأُ كانت السياسات الاقتصادية المرسومة.
الاشارة الى الدور الحاسسم الذي تلعبه الدولة في توجيه الاقتصاد القومي هيء أيضا» محقّة. ولا
نقلل البنّة من فاعليتها ومن اهميتهاء إن في تفسير «ضبطه الأزمة عند حدود معيّنة, أى اسهامها في
تحقيق معدّلات نمو حقيقية. غير ان اختزال هذه الفاعلية وذلك الاسهام الى ادوات محض سياسية
قد تترتب عليها نتائج خطرة؛ على الرغم من رفضنا القبول بمقولة الاقتصاد كصفحة بيضاء تسجّل
عليهاء تباعاً, التحؤلات الاجتماعية. فعندما يلجأ الباحثء في معرض تقويمه للاسهام الكبير للدولة في
الناتج القومي الاجماليء فانه يواجه سلسلة من الاعتراضات والتعقيدات المعرفية؛ فهناك
الاعتراضات الناشثة, أساساًء من استخدام الناتج القومي الاجمالي» كمؤشر وحيد لتبيان مساهمة
القطاع الحكومي في تحقيق النمو وعمًا اذا كان يعكس حقيقة الرشاد في اختيار المشروعات؛ وفي
استغلال الموارد النادرة؛ ومدى تعبيره عن خيارات المدى البعيد» ومدى تعبيره عن الناتج الحقيقي
للقطاعات غير السلعية. كذلك؛ فان تقدير الناتج القومي الاجمالي بأسعار ثابتة يؤدي, اجمالا؛ الى
اخفاء جزء من التسير الحقيقي في الدخولء والاعتماد على مقياس الناتج بالاسعار الجارية لا
535 شْيُون فلسطزية العدد 8١؟؛‏ تمون ( يوليى) ‎115٠١‏
تاريخ
يوليو ١٩٩٠
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 17767 (3 views)