شؤون فلسطينية : عدد 208 (ص 102)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 208 (ص 102)
- المحتوى
-
سح تجربة في معتقل «أنصار»
ان غادرت زوجته الى القاهرة: «لم يأت فجر ذلك اليوم بأي شيء مطمثن. لم نعد نتذكر تلك الأوقاث عندما كانت
حياتنا هادئة مسالمة. بدا وكاننا لم نعرف في حياتنا سوى الغارات الجوية؛ وكأننا وُلدنا في اثناء غارة جوية, ولا
نملك أن نتمنّى سوى الموت في غارة أخرى. كنا كالغريق وسط البحر, وقد ظهرت له. فجأة, حياته كاملة محبوسة
في لحظة من الزمان. لم يحمل ذلك الفجر معه أيه راحة؛ أى عزام؛ أي وعد بالسلام .كان فجراً واعدأ بمزيد من
الموت والدمار والعذاب. وذلك الخليط البشع من الدخان والاطارات المحروقة والجثث المتفحمة أزاح من أمامه
عبق الياسمين ورائحة ازهان الليمون والبرتقال» (ص 45 - 00).
حالة الذهول هذه والاحساس بالعزلة التامّة في سواجهة خطر الموت؛ كانت تلوح على وجوه العديد من
المقاتلين, صغاراً وكباراً ؛ الذين صّعقوا من الصمت العربي الموحش من حولهم (ص 8؟)» ومن انهيار عدد من
الأطر والكرادر التنظيمية والعسكرية بين صفوفهم (ص ؟؟). ولكن هذا لم يقلل؛ أبدأًء من مظاهر التحدي
والبطولة الخارقة والصمود الهائل الذي كبّد القوات الاسرائيلية المحتلة أكثر من ألف اصابة بين قتيل وجريح,
خلال الايام الاولى من المعارك. وفي المقابل» ارتفعت وتيرة القسوة والعنف في مواجهة المدنيين العزّل؛ وانهارت
أبنية بأكملهاء نثيجة القصف المتواصل بأحدث ما وصلت اليه التقنية الحربية الاسرائيلية؛ من قنابل عنقودية
وفسفورية وغيرهاء لتقتل معها مثات الأطفال والنساء والعجزة المحتمين في الملاجيء. ومع الخامس عشر من
حزيران ( يوني )؛ كان مخيم عين الحلوة في صيدا قد دُمّر عن آخرهءفيما تواصلت حملاث الاعتقال في كافة
المناماق التي اجتاحتها القوات الاسرائيلية. وتراوحت اعمار الموقوفين ما بين التاسعة والخامسة والسبعين (ص
7 واستهدقت: بصورة خاصة: افراد المقاومة الفلسطينية.
في هذه الاثناءء كان صلاح التعمري يتنقل باستمرار من مكان الى آخر, محاولا تجنّب الوقوع في أسر
المحتلين, من جهة؛ ومراقبأ الحالة العامة من حوله, بهدف استطلاع امكانية تنظيم مقاومة محلية للاحتلال
الاسرائيلي» من جهة أخرى. وعلى لسان زوجهاء سبلت الكاتبة السطور التالية ؛ تعبيراً عمًا دار في أعماقه ؛ «كتبت
تعميماً من عدة نسخ وسلّمته لأحد الشبان لكي يحمله الى صيدا. وكان هذا نوعأ من الجنونء حيث ان احداً
هناك لم يكن لديه الوقث للقراءة في تلك اللحظة. كان الجميع مشغولين بتامين الحاجات اليومية الملحّة؛ كالغذاء
والماء والملجأ الامين (التوجيهات أو كلمات الدعم التي عبّر عنها صلاح في تعميمه كانت تبدي ربماء كقطرة في
بحر بالنسبة الى الناس آنذاك. دينا) ,
«اعتقدت بأنه في امكاني البقاء في صيدا وتجنّب الحملة الاولى من أعمال التفتيش » وبالتالي تنظيم قاعدة
مناسبة للمقاومة والعمل. وكان أقل ما في امكاني عمله هو ان أظهر أمام الئاس وأقول لهم ان احداً لم يتخلٌ
عنهم لكي يعرفوا ان هناك الكثيرين يشاركونهم المصير ذاته؛ ويواجهون المشاق ذاتها. وقع الكثير من شبابنا في
الأسر ونقلوا الى المعتقلات. في النهاية» لم يبق معي أحد . لم يبق هناك مكان لم أحاول» خلال اثني عشر يوماًء ان
أجد فيه مخباء أو مكاناً للدوم. وفي النهاية» اصبحت حملات التفتيش مكثفة ومتواصلة» (ص 07).
مراكز الاعتقال التي اقامها الجيش الاسرائيلي في الجنوب المحتل كانت عديدة, وتعرّض المعتقلون» فيها,
لأبشع أنواع القسوة والاهانة والعنف؛ وسقط العشرات ضحايا المعاملة السيئة؛ والضرب المبرحء والجوع»
والعطش» وحرارة الشمس الملتهبة. ومن بين الشهادات العديدة التي تلاحقت, في تلك الايام؛ من شهود عيان
ومراقبين دوليين, ما نقلته الكاتبة عن لسان النرويجي أغوند موللرء احد العاملين في النشاطات الاجتماعية في
الجنوب . قال: «كان هناك رجل في الستين من العمر؛ ويبدى ان حالته كانت يائسة؛ فالحرارة لم تكن محتملة ؛ وام
يكن لديه شيء من الماء. نهض من مكانه ومشى مترئحاً الى الماء. حاول ان يلفث انتباه أحد الس
أربعة» أو خمسة ؛ مثهم وبدأوا يرفسونه بأرجلهم ويضربونه بصورة متواصلة . اسثمر ذلك حوالى عشرة
كان المنظر رهبباً. وخُيّل للمرء انه سيستمر الى الأبد هذا الضرب الوحشي كان يحدث باستياد في السام
تابعوا ضرب الرجل العجوز في كل مكان؛ على الرأس والصدر والبطن؛ وعندما انتهوا كان هامداٌ في مكانه, ربطوا
قدميه معأ بحبل ومِدّوا الحبل ليربطوا به يديه» بحيث أصبح على هيئة قوس. كان ملقىّ على معدته ورأسه
العدد ١8 5؛ تمون ( يوليى ) 154١ لشثون فلسطيزية 1١ - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 208
- تاريخ
- يوليو ١٩٩٠
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 2112 (11 views)