شؤون فلسطينية : عدد 212 (ص 87)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 212 (ص 87)
المحتوى
د. عبدالوهاب المسيري
التي تستظل بها المنظمات والمؤسسات اليهودية الاخرى. والصهيونية» بلا شكء تعمّق اندماجهم
وتزودهم باطار عقائدي يقرّب بينهم وبين أعضاء المجتمع الاستيطاني ويصلح أساساً للقاء بينهم
وبين مجتمع الأغلبية.
ولكن ثمّة نتائج للظاهرة عينها متناقضة مع سابقتها . فعلى سبيل المثال» يتحقق المثل الصهيوني
الاعلى بالهجرة الاستيطانية الى فلسطينء ولكن جنوب افريقيا ذاتها مجتمع استيطاني ‎٠‏ ويعيّر الانتماء
اليه عن نفسه من طريق عدم الهجرة منه. ولذاء فالصهيونية: هناء هي تعبير عن ازدواج ولاء حقيقي.
وقد اتهم بعض الاوساط يهود جنوب افريقيا بأنهم يوثرون مصلحة اسرائيل على مصلحة وطنهم . ولعله
لهذا السبب يمكن القول إن صهيونية يهود جنوب افريقيا هي صهيونية توطينية بالدرجة الاولى, تأخذ
شكل ارسال مساعدات مالية الى اسرائيل دون الهجره اليها . وبالفعل, نجد أن يهود جنوب افريقيا
أكثر يهود العالم اسهاماً في المساعدات المالية» ولكنهم لا يتباهون كثيراً بأعداد المهاجرين الى اسرائيل»
بل يخفونها عن الانظار.
ومن المشاكل الاخرى التي يواجهها يهود جنوب افريقيا مشكلة موقف اسرائيل من جنوب
افريقيا. فعلى الرغم من ارتباط المصالح وتزايد العلاقات, الا انه في الستينات» قرّرت اسرائيل تحسين
علاقاتها مع الدول الافريقية, كمحاولة لفك الحصار العربي حولهاء فكانت تدلي بصوتها في هيئة الامم
ضد جنوب افريقياء الأمر الذي خلق توبّراً بين الدولة وأعضاء الجماعة. وتعدٌ هذه الحالة حالة
كلاسيكية في ان الدولة الصهيونية دولة لها مصالحها تتجاوز مصالح أعضاء الجماعات اليهودية: بل
وتتناقض معها أحياناً. وحينما تصل الدولة الصهيونية الى هذه النقطة؛ فانها عادة ما تسقط الحديث
عن انقاذ اليهود وعن رعايتها مصالحهم في كل أنحاء العالم» وتتصرّف. مثل أي دولة؛ بما تمليه عليها
مصالحهاء وهذا على كل ترجمة فعلية لمفهوم مركزية اسرائيل في حياة اعضاء الجماعات (الدياسبورا).
أي ان أعضاء الجماعات ليسوا سوى أداة في يد الدولة» وان الدولة لم تخلق من أجلهم, وانما أأنشئت
كي يقوموا هم على خدمتها.
ومن المردودات السلبية الاخرى للعلاقة القوية بين يهود جنوب افريقيا والصهيونية واسرائيل ان
ارتباط اليهوب بالجماعة البيضاء يعني ان مصيرهم ارتبط بمصير هذه الجماعة. ويلاحظ ان السكان
السود. كما هى متوقع» يربطون بين اسرائيل وجنوب افريقيا ويوخدون قيما بينهماء مما ينعكس على
موقفهم من أعضاء الجماعة. ولذا نجد ان القيادات السوداء تتوجّه بالنقد الى اعضاء الجماعة
لسكوتها وحيادها المزعوم, واسهامها في سياسة التفرقة اللونية: واستفادتها منها. وقد لاحظنا وجود
عدد كبير من أصحاب الاعمال اليهود الذين يستخدمون العمّال السود ويطيّقون المعايير السائدة في
المجتمع عليهم؛ كما هو متوقع في مثل هذه الاحوالء وهي معايير عنصرية استغلالية بشكل بشع. كما
يلاحظ ان أعضاء الجماعة اليهودية, نظراً الى ثرائهم الشديدء وتركزهم في التجارة والصناعة,
سيتأثرون بشكل عميق لو تغيّر تركيب المجتمع وبدأت العناصر السوداء في السيطرة على المجتمع وفي
تحقيق شيء من الحراكء وما سيتبع ذلك من تأميم «وأفرقة».
ومما يعمق استياء الجماعات السوداء انه يوجد عدد صغير من اليهودء الذين نشطوا كضباط
شرطة كبار ومدّعين عامّين وقضاة: يقوم بفرض القوانين العنصرية: أي ان هذه العناصر اليهودية أداة
في يد المؤسسة؛ 3 تستخدمها في قمع السود . ولكن لا بد من القول انهم مجرّد أقلية صغيرة هامشية لا
تمثل الجماعة اليهودية, تماماً » مثل تلك العناصر اليهودية الثورية الرافضة للتفرقة العنصرية.
84 اشْوُون فلسطيفية العدد ؟١؟.‏ تشرين الثاني ( نوفمبر) 195
تاريخ
نوفمبر ١٩٩٠
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 17770 (3 views)