شؤون فلسطينية : عدد 213-214 (ص 95)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 213-214 (ص 95)
- المحتوى
-
رياض بيدس حل
ونلتقي مع جندي آخر لنرى التحوّل المخيف الذي طرأ على هذه البلاد: «من ناحية ثانية» في مكان ماء تتوقف
عن السؤال عن كل شيء. الحدء أى الفاصلء غير محدّد. اليوم آنا لا استطيع ان أقول لك اين حدوبي. لماذا؟
لأني مشبع من التجربة. قبل الجيش كانت لي حدود. اليوم, الحدود غير واضحة: وعندئذٍء ريما أصل الى حالة
ان أعرف ان هذهء باختصارء هي حالة حرب . انهم يقتلون اناساً . لا امكانية أخرىء يقنعوننيء وأنا أقوم بذلك.
آنا لا أعرف ما هى الحدّ. انت تدركين؟ هذا أوصلني الى حالة كهذه. انني لا أعرف ما هى الحدّ» (ص 58).
هذه البلبلة هي التي تسيطر على شهادة هذ الجندي. اختفاء المعالم والحدود والفواصل. اذ لم تعد هنالك
حدوب متعارف عليها ومتداولة. فكيف يستطيع التمييز بين ما هى انساني أو لاانساني؟ السياسة الرسمية هي
المسؤولة الاولى» والاخيرة. ١ ١ ١
ونلتقي مع جندي آخرء ليعترف بوضوح: «من المؤكد ان المستوى في تدهور. لا يوجد شيء يدعو الى التفاخر.
الشعراء لن يستطيعوا كتاية شعر عن الجنوب الاسرائيليين الذين حاريوا الانتفاضة: وأطلقوا النار على 1 الاطفال
والنساء. ' كل الاحترام ' لن تكون موجودة» (ص 5().
وقال جندي آخر: «وجهة نظري ان العرب عامّة يجب ان يخافوا مناء لآن هذه هي الطريقة التي نمتلكها
ضدهم. اذن, اجمالاً. من المستحسن ان يكون ثمّة خوف عام» (ص 85). ١ ١
لقد حاولت ضمن هذه الاقتباسات ان اجتزىء بعض ال مقاطع الانسانية غالباً؛ وتحاشيت قدر الاستطاعة
البلبلة. فمعظم الكتاب يحاول ان يرسم صورة للبلبة» وذلك للتدليل على ان الجنود يعانون ويتألمون حقاء كأنتهم
لا يملكون خياراً سوى خيار العنف والارهاب. لذا جاءت هذه الشهادات, في غالبيتها العظمىء كعلاج ذاتي
لأولتك الذين اضظربت.ء وتغيرت» معاييرهم بسبب الانتفاضة.
أهمية الكتاب
كتبت محرّرة سلسلة «بروزا احيرت» ( نثر آخر أو مغاير ) ايلانه همرمان تذييلاٌ هامّاً عن الكتاب وسبب
نشره. وعدّذت أسباب نشره في سلسلتها. احد أهمّ هذه الاسباب هو الظرف, أو الوضع, الذي يفرض نوعاً أدبياً
خاصاً على الادبء كالانتفاضة. فحسب همرمان لا يستطيع الكاتب ان يلتقط بعض التفاصيل الواقعية في حالة
الانتفاضة ويبني عليها عالماً خيالياً. ما دامت الانتفاضة هي الحدث الاكبر. فالمادة الوثائقية هي الاصلح,
والابقى. واستشهدت برأي فالتر بنيامين الذي كتب عن تحؤلات الفنون في عالم الراديى والتلفزيون والصحيفة,
اى العالم الصناعي عامّة.
كل هذا .كان من الممكن دفعه جانياً وعدم مناقشته. لكن الادب العبري في غالبيته ينأى عن الارتباط
الاوتوماتيكي بالحدثء ويبحثء داتماًء عن بدائل فنية؛ الى درجة يبدو معها هذا الكتاب مفيركاً للغاية.
فالاستجابة الاوتوماتيكية للحدث قد تنتج أدباً ممتازاً وقد تفعل العكس أيضاًء لذا نرى ان همرمان قامت
بعملية محاسبة لما قامت به في هذا الكتاب, لتلا يقال انها تسرّعت باصدار كتاب كهذا. لكن الكتاب يظل
بمثابة حافز لاستثارة الفنانين والكتّاب اليهود لينزلوا الى الشارع وليطعّموا أدبهم باحداث هامّة قد تزلزل
بروجهم العاجية وأدبهم.
أهمية الكتابء بالدرجة الاولىء تنبع من انه صادر عن سلسلة أدبية معتبرة جداًء وهو في الوقت عينه,
شهادات أشبه بكولاج» سعت الى تصوير واقع معي دون السعي الى خيال مفتعل. فلا حاجة الى خيال عظيم
في حال كحال الانتفاضة. فأحداث الانتفاضة اليومية تملي تفاصيلها على الاديب والفنان والشاعر, دون اللجوء
الى المصطنع والزائف والمفيرك. بالانتفاضة يتوّج مسار جديد في الادب العبري: ضرورة التوثيق ومعايشة
الاحداث: بعيداً من خيالات الابراج العاجية.
ففي الكتاب قرآانا عن ؟١ جندياً قدّموا تجربتهم التي لا تحتاج الى خيال؛ بشكل منولوجات. ورولي
5 شوُون فلسطيزية العدد ,5١4 - 7١7 كانون الأول ( ديسمبر ) 194١ - كانون الثاني ( يناين) 1591١ - هو جزء من
-
شؤون فلسطينية : عدد 213-214
- تاريخ
- ديسمبر ١٩٩٠
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 17767 (3 views)