الحكيم: ضمير شعب ورمز مقاومة (ص 11)
غرض
- عنوان
- الحكيم: ضمير شعب ورمز مقاومة (ص 11)
- المحتوى
-
11
وجود حبش .
والعروبة شرط بقاء فلسطين!
عاش جورج حبش حياته على أنه بعض «فلسطين»:
هي شرط وجوده بقدر ما هي العروبة شرط بقاء فلسطين
لأهلهاء قضية تحرر ووحدة. .ولأنه عاش دائما داخل حلمه
فإنه قد رحل بعدما ضاق عليه خلمه الذي لم يغادره انبداً.
ولعل مما عجل في رحيل هذا المقاوم العريق تلك الصور التي
تسنى لجورج حبش أن يراهاء قبل أن ينطفئ نور عينيه,
للفلسطينيين من أهالي غزة وهم يُسقطون الحدود المصفحة
مع مصرء في محاولة عنوانها الرغيف أما هدقها المضمر فهو
استعادة شعب مصر الذي قدم لفلسطين من أبنائه مثل ما قدمت
وأكثر. لقد رأى اللاجئين (تكراراً) في وطنهم (وقد ضاع منهم)
يقتحمون الحدود طلباً لمصر وسائر أهلهم في الدول الكثيرة,
تلك الغارقة في الذهب حتى التيه. وتلك المغرقة في دماء أبنائها
بالاحتلال الأميركي؛ وتلك التي انفرد بها حكامها فأغلقوا آبوابها
على شعبها وأوقموه أن خلاصه بتنصله من هويته وأعبائها؛
وكأن العزلة هي أقصر الطرق إلى الرفاه والتقدم والديموقراطية.
مع الحديث عن جورج حبشء تتداعى فوراً أسماء رفاق السلاح
سواء الذين سبقوا إلى الشهادة أو ينتظرونء و«أخطرهم»
الدكتور وديع حدادء الذي أدخل أساليب عبقرية جديدة إلى
الكفاح المسلحء برغم أنها مسّت بقداسة القضية: ثم هانيّ الهندي»
وأبو ماهر اليماني وأولئك الذين بنوا معه حركة القوميين العرب
وفيهم العراقي والسوري واللبناني والكويتي واليمني إلخ...
ولفترة: بدا وكأن هذه الحركة قد نجحت في إعادة وصل
ما انقطع بين «الأاخوةالعرب»؛: وأسهمت في إحياء
الأمل ببتاء الوحدة العربية. خصوصا وقد انتشرت
بين كنفاني وجورج حبش |
للناقد (ميخائيل باختين) رأي نقدي مقنع, غالباً ما أستشهد به
وهو: إن كل كلام غير كلام آدم؛ عليه السلام: لا يخلو من تناصء إذ إن
كلام ابن آدم يعتمد على كلام ابيه. ولما كنت نشأت في بيكة اسلامية»
وقرأت الآية (وعلم آدم الأسماء كلها) فإنني أغيّرء أمام الطلبة» كلام
(باختين) وأقول: إن كل كلام غير كلام الله هو كلام لا يخلو من
تناص: فالله هو الذي علم آدم» والاخير علم؛ بدوره؛ أبناءه.
وسأقول للطلبة: إن الكلام الذي أنطق به امامكم ليس كلامي
أنا. إنه كلام الذين اصغيت اليهم. وتعلمت منهم؛ وقرأت لهم»
ربما أضيف جملة هناء وثانية هناك ولو لم أقرأ وأثقف نفسيء لما
استطعت أن أتكلم ساعة كاملة» وغالباً ما أقارن بين ما كنت عليهء وما
غدوت عليه, وأطلب من الطلبة ألا يرتبكوا حين يراجعون كتابا ما.
تذكرت كلام (باختين) وأنا أفكر في كتابة كلمة رثاء لمناسبة
رحيل الحكيم جورج حبشء لم أعرف الرجلء ولم أقرأ له الكثير»
سمعت عنه. وقرأت بعض مقالات كتبهاء وبعض مقابلات اجريت
معه. ومقالات قليلة كتبت عنه. في حياته؛: وبعد رحيله. . ولما
كنت اعرف أن هناك صلات وثيقة كانت بينه وبين بين الشهيد غسان
كنفانيء في الكويت وفي بيروتء فقد استنجدت ل الأخير
القصصية والروائية, أبحث فيها عن صورة الحكيم أو صوته,
فلا شك في أن كنفاني ثمن حبش عالياً. . ولا شك أيضاً في أنه تأثر
به أو أثمر.فيه. من خلال الساعات الطويلات التي انفقاها معا.
في أعمال كنفاني الكاملة التي بحوزتي ورقة منفصلة كتبها جورج
حبش عن الشهيد كنفانيء وألقاها لمناسبة ذكرى استشهاده؛ أتى
فيها على آراء غسان ودوره في فكر الجبهة.ومشروعهاء إذ كان يلح
على ضرورة نقل المعركة الى داخل فلسطين: وذكر الحكيم أن كنفاني
هو الذي صاغ تقرير الجبهة الذي أعد عن مؤتمرها في العام ؟/191»
وأشار الى أن هناك اسلوبين في التقرير الاول.له.والثاني الذي يمتد
طلال سلمان
خلاياها في مختلف الأقطار العربية, مشرقاً ومغرباً.
لكن مقدمات الهزيمة العربية في حرب 191717 بعد الانفصال
الذي دمر أول وحدة عربية (الجمهورية العربية المتحدة)
أخذت «الحكيم» والتنظيم إلى مدى آخرء (فهرب» من القومية
إلى الماركسية اللينينية, مفترضاً أنها قد تقرّبه أكثر من
الطبقات الشعبية المؤهلة لخوض حرب التحريرء وهكذا وُلدت
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؛ على أنقاض «الحركة».
وباختصار فإنه قدجرّب الوصول إلى فلسطين عبر كل الطرق المتاحة:
من عمان الآقرب بالجغرافياء إلى دمشق الأقرب بحس الانتماء
القوميء من بيروت الأقرب بحرية السلاح» »من طرابلس القذافي قبل
أن «بهاجر» فكرياً إلى نظريته الخاصة... ولكن دائماً من القاهرة
الآقوى بدولتها متى ارتفعت فيها راية العروبة التي تم تهجيرها
منها بعد وفاة جمال عبد الناصرء وبعد إجهاض النتائج الباهرة
لحرب العاشر من رمضان التحريرية إلى غربة الصلح المثفرد...
هل من الضروري التذكير بالمأساة الدموية التي نجمت عن «التحول
الفكري» المريع الذي أخذ «القوميين السابقين» في عدن إلى المذبحة
تحت الرايات الحمراء لماركسية مبتدعة, كانت مهمتها الفعلية
تغطية السبق إلى السلطة بتبريرات ليس لها علاقة بأهل البلاد»
البؤساء في فقرهم, ولا بثورتهم ضد المحتل البريطائي (في جنوب
اليمن) ولا بطموحهم إلى العودة إلى وطنهم الطبيعي: اليمن.
لم يكن جورج حبش سياسياء بالمعنى المألوف للكلمة, في
أي يوم. ريما لهذا لم يتحرج من تبديل الإيديولوجياء ولكن
دائماً بهدف استنقاذ الحلم: تحرير فلسطين أو استعادتها.
لكنه عاش مناضلاً في مختلف الساحات. وعاش دائماً حيث يفرض
عادل الأسطة
من ص >١٠ الى ص ١185 صاغه غسان.
هكذا آقر الحكيم بتأثره بغسان وبدور الأخير في فكر الجبهة
وبلورته وصياغته.
يبقى الجانب الثاني وهو أين هو الحد الفاصل بين كلام
الاثنين في أعمال كنفاني الأدبية؟ أبن هو كلام غسان وأين هو
كلام الحكيم؟ إن ما كتبه غسان في رواياته يعكسء الى حد كبير»
فكر الجبهة الذي نطق به أمينها العام في المؤتمرات والندوات
والحوارات والمقابلات. لقد جسده غسان من خلال نماذج بشرية»
وإلا فهل كان سؤال أبي الخيزران في رواية " رجال في الشمس"
)9( سوى سؤال غسان نفسه وضعه على لسان الشخصية؟
وهل كان كلام سعيد س. في "عائه الى حيفا" (١959) كلاماً آخر
غير كلام غسان: ورؤية الجبهة الشعبية أيضاً؟ وهل كانت رواية
أم سعد (١4394) بعيدة عن طروحات الجبهة الشعبية أيضاً؟
في قصته القصيرة "درب الى خائن" (١11017) يكتب كنفاني عن
أبناء مدينة اللد. مدينة الحكيم. ويأتي على قصة مواطن لاجئ أقام
في الكويتء وقرر أن يتسلل الى اللد ليقتل أخاه. ما منعه في البداية
يتمثل في حبه لأمه التي كانت على قيد الحياة وحين ماتت قرر أن
ينجز المهمة: أن يقتل أخاه. لماذا؟ لأنه تعامل مع الاسرائيليين وخان
أبناء عمه ووشى بهم. وعموماً فإن القصة تطرح فكر الجبهة الشعبية
في تحرير فلسطينء قبل تشكل الجبهة.
ليست رابطة الدم مقدسة:. وإذا كان لا بد من تحرير
فلسطين, فلا بد أولاً من تحرير البلدان العربية من أنظمتها
التي تعيق حركة الثوارء وتضع الحواجز أمام فعلهم.
وأنا أقرأ كلمات الرثاء لجورج حبشء وأنا أقرأ أيضا ما كتب عن
حياته في الصحف وفي الكتب» » التفت الى تجرية خروجه من
اللد. والى.ما شاهده على الطريق.من جثث القتلى. الفلسطينيين
عليه النضال.
أذكر أنني التقيته ذات شباطء في «الكريمة» في غور الأردن. كان
ضيفاً على بعض: الفلاحين الذين أفرحهم أن يصيروا أدلاء لأبنائهم
الفدائيين وهم يعبرون «الشريعة» إلى أرضهم التي يعرفونها
بالشجرة والصخرة والمصباح الخافت والمحدلة على السطح الترابي.
قال واحد من الفلاحين مخاطباً «الحكيم» وصحبه: يمكنكم أن
تهتدوا بآثار أقدام الصحابة من قادة جيش الفتح. من هنا عبروا
وهم في طريقهم إلى بيت المقدسء ومن هنا عبروا ثم أقاموا
طيلة حصار دمشقء وكثير منهم قضى نحبه ودقن هناء في
هذه الآرض المباركة خلال الحصارء لأن الطاعون ضرب دمشق
وأهلها وأصاب من قادة جيش الفتح ومقاتليه الكثير فماتوا
ودفنوا في هذه الأرضء وأقربهم إلينا هنا شرحبيل بن حسنة.
قال «الحكيم»: نتمنى على الله أن يكتب لنا الشهادة مثلهم من أجل
تحرير الأرض.
وأذكر أنني التقيت وأنا عائد من لقائه في منطقة جامعة بيروت
العربيةء ذات يوم من أواسط السبعينيات, الشاعر الكبير محمود
درويشء فسألني بأسلوبه المميز: هل ما زال الحكيم يستوطن
البديهية؟ ولميكن بحاجة إلى جوابي للتصديق على حكمه... الثقافي.
وأعرف أن كثيرا من أهل الرأي ورجال السياسة كانوا يعودون من
اللقاء مع «الحكيم» آخذين عليه تمسكه بالمواقف المبدئية المجافية
لضرورات السياسة. وكان جورج حبش يستغرب اعتراضهمء
ويفترض «صادقا .-أنهم المخطئون» ٠ وأن التجربة .لاا سيما في مواجهة
إسرائيل» ومن يتهاون في حربها ..ستكشف لهم مدى غلطهم, محذراً
من «أنك إن لم تواجه العدو فإنه سيأتيك في قلب دارك».
الذين أخرجوا من مدينتهم وقراهم, وقد أشار الى هذا ايضاً
الكاتب الاسرائيلي (ايلان بابيه) في كتابه: " التطهير العرقي"
:)٠٠١( وذكر جورج حبش وتأثير الهجرة عليه. سيترك هذا
الحادث تأثيراً عميقاً على حياة الحكيم الذي سيؤسس الجبهة
الشعبية من أجل استعادة وطنه. ولن يلتفت الى حياته الخاصة»
فقد كان بإمكانه أن يمارس مهنة الطبء وأن يحيا حياة مستقرة
هادئة: وكان بإمكانه أن يبتعد عن السياسة ومركبها الوعر
سابحث في قصص غسان عن قصة تصور تشرد الحكيم في العام
>4 فلا أجد.
وساأسال نفسي: لماذا؟ فلا شك في أن حبش قص القصة
على غسان غير مرة. وساجتهد: ربما رأى غسان في تجربة
الحكيم شبيهاً لتجربته هوء تجربته التي مر بها حين غادر
وأهله عكاء ولقد عكس هنا التجربة في قصة "أرض البرتقال
الحزين" إن لم تخني الذاكرة. فهل من ضرورة للتكرار؟
ربما تذكر المرء الحكيمء وهو يتابع فضول حياته؛ ربما تذكر المرء
وهو يقرأ رواية غسان: " عائد الى حيفا " .
وربمايكون العكس أصح. ففي سيرة الحكيم ما يذكر برواية غسان.
زار سعيد. س حيفاء بعد هزيمة حزيران 1171 وحاور ابنه خلدون
الذي غدا (دوف) وأدرك سعيد أن العودة الصحيحة هي أن يعود
منتصراً. لا من خلال تصاريح زيارة اسرائيلية, ولكي يتم ذلك» فلا
بد من حرب ينتصر فيها الفلسطيني ليحاور الاسرائيلي من منطلق
الند للند. ولم ير الحكيم في اتفاقات اوسلو ما يشجعه على العودةء
العودة الناقصة. 1
انه يريدالعودةالى اللدء لا الى رام الله فقطء وريما
لهذا آثر البقاء فيالمنفى. هل مارس الحكيم بسلوكه
ما أثاره كنفاني على لسان سعيد؟ .ريماء بل أكاد أجزم. - هو جزء من
- الحكيم: ضمير شعب ورمز مقاومة
- تاريخ
- 2008-03-15
- المنشئ
- اللجنة الوطنية لتخليد القائد د. جورج حبش
- مجموعات العناصر
- Generated Pages Set
Contribute
Position: 22251 (3 views)