الشوك والقرنفل (ص 18)

غرض

عنوان

الشوك والقرنفل (ص 18)

المحتوى

الوقت والسنوات لتأكل شبابها فيفوت عليها القطار.هكذا جرت بنا الأيام والشهور
والسنون.
في إحدى المرات زارنا خالي وحين أخرج يده من جيبه ليناول أمي ما اعتاد أن
يعطيها من النقود رفضت رفضاً قاطعاً أخذه منه» ورغم كل المحاولات لم ينجح في
إقناعها بأخذهء فلم يجد إلا الحيلة حيث أقنعها أنه لا يريد أن يشغل عاملاً جديداً معه في
المصنع ليقوم بمهمة النظافة والترتيب في المصنع؛ وأن محموداً وحسناً قد كبرا وأصبحا
شابين لذلك فهو يريد أن يشغلهما عنده ة في المصنع يومياً بعد عودتهما من المدرسة ليقوما
بالعمل؛ وهما أولى بالأجرة من عامل غريبء وأن هذه الدفعة سلفة على حساب أجرتهما
الشهرية.
حينها وافقت فقط على أخذ المبلغ مشترطة أن يبدأًا بمزاولة عملهما في اليوم
التالي وبالفعل فقد بدأ محمود وحسن تولي مسئولية زعللة الأرت وعردان مسن السرسة
عند الظهر يضعان حقيبتيهما المصنوعتين من القماش؛ تضع لهما أمي الغداء مع باقي
إخوتي وأخواتي وابني عمي ثم تبدأ المحاضرة طويلة وهي توجههما كيف يسيران في
الطريق» وكيف يشتغلان بإخلاصء وكيف ينظفان المكان وكيف وكيف...ثم تربت على
كتفيها وتودعهما بخطوات إضافية خارج الباب» وقبيل غروب الشمس تستقبلهما استقبال
الفرسان الفاتحين» وهكذا جرت الأمور بدفع خالي لوالدتي ما كان يدفع لها من قبل؛ وكأنه
أجرة عمل محمود وحسن اللذين لم يكونا يفعلان شيئا يذكرء عند ذهابهما يومياً إلى مصنع
كالهما.
كثيراً ما استيقظت مع بزوغ الفجر على صوت جدي وهو يدعو بدعواته المعتادة
أثناء وضوئه كنت أستمتع بذلك الصوت وبتلك الدعوات العذبة ثم أتمتع بصوته وهو يقرأ
الفاتحة ثم شيئا من القرآن الكريم في ركعتي فرض الفجر بصوت مسموع. ثم بدعاء
القنوت؛ وبدأت مع تكرار الأيام أكاد احفظ ما يردده الجد ©2اللهم اهدني فيمن هديت..
ب*ولم يكن بإمكان الجد أن يؤدي صلاة الفجر في المسجدء ففي هذا الوقت يكون منع
التجول لا يزال سارياً ومن يخرج يعرض نفسه للموت من دوريات الاحتلال التي تجوب
شوارع المخيم أو تكون كامنة هنا أو هناك. منع التجول كان يوميا الساعة السابعة مساءً
وتمتقفز حكن الكامسة حياسا. أما باقي الصلوات الأخرى فقد كان جدي يؤديها عادة في
المسجد إلا إذا منعه من ذلك أمر طارئ مثل ذهابه لإحضار التموين أو يوم منع التجول.
ده

هو جزء من

الشوك والقرنفل

تاريخ

2004

المنشئ

يحيى السنوار

مجموعات العناصر

Generated Pages Set