الشوك والقرنفل (ص 27)

غرض

عنوان

الشوك والقرنفل (ص 27)

المحتوى

في ذلك اليوم لم يذهب جدي إلى السوق؛ وأخذني عندما علت الشمس لنجلس
تحت شعاعها الدافئ وبعد برهة أخذ يحدثني عن أيام الشباب والبلاد التي ضاعت ثم
أخرج كيسه الصغير وتناول منه قرشأ وقال لي اذهب اشتر تن الك حاجة.ويعة سريعا:
انطلقت إلى دكان "أبو خليل" واشتريت بضع حبات من الحامضطن حلوء ورجعت إلى جدي
وقد وضعت إحداها في فمي» سألني جدي وهو يجلسني إلى جواره: ماذا اشتريت؟ فأريته
ما بيدي ومددت إحداها نحو فمه فضحك طويلاً وقال: لا هذه لك يا حبيبي.
جلست إلى جواره أتمتع بأشعة الشمس ومص تلك الحبات من الحلوى؛ كان وقت
الظهر قد اقترب» نهض جدي وهو يتكئ على عصاه قائلاً: هيا يا أحمد نذهب للجامع
لصلاة الظهر(يلا يا أحمد نروح للجامع نصلي الظهر) أمسك بيدي وانطلقناء وهناك جلس
عدي تيتا ونا الابدويج. وطن الي ميقتس ادا واه وو
إن شاء الله سيكون هذا الولد متديناء » فتمتم جدي (إن شاء الله.. إن شاء الله).
مرت الأيام متشابهة ولكني أصبحت أكثر قدرة على عومد حوليء
الشيء الجديد الذي بدا واضحاً هو انطلاقة المقاومة؛ ففي كل يوم هناك عمليات إطلاق
نار على دوريات الاحتلال أو إلقاء قنابل يدوية» أو تفجير عبوات؛ وفي كل مرة يرد
جنود الاحتلال بمنتهى القوة والعنف ضد الأهالي المدنيين العزل؛ حيث يطلقون النار على
الناس بشكل عشوائي فيقتلون ويصيبونء ثم تأتي التعزيزات وتفرض منع التجول على
المنطقة وتنادي الرجال للخروج إلى المدرسةء وهناك يقوم الجنود بضرب الرجال
وإذلالهم ويعتقلون البعض منهم؛ نفس الصور والأصوات والحركات تتكرر عدة أيام...
المقاومة تزيد ويشتد عودها وتصبح أكثر جرأة وإقداماء حتى أننا أصبحنا نرى
بعض الرجال الملثمين بالكوفيات يحملون أسلحتهم من البنادق الإنجليزية أو بنادق
الكارلوستاف؛ أو يحملون القنابل اليدوية ويتجولون بها في أزقة المخيم خاصة قريباً من
فترة المساء. أصبح مألوفاً علينا حتى أننا بدأنا ندرك أن حظر التجول الليلي هو مجرد
أكذوبة لا تنطلي علينا نحن الصغار وعلى أمهاتنا وعلى الجزء البسيط من القنان
المساكين. أما رجال المقاومة فكانوا يحتلون المخيم ليلا ودوريات الاحتلال لا تتمكن من
دخول أزقته وتظل على الشوارع العامة الرئيسية ومع طلوع النهار يختفي رجال
المقاوطة.

هو جزء من

الشوك والقرنفل

تاريخ

2004

المنشئ

يحيى السنوار

مجموعات العناصر

Generated Pages Set