شؤون فلسطينية : عدد 3 (ص 63)

غرض

عنوان

شؤون فلسطينية : عدد 3 (ص 63)

المحتوى

نحيا حياة عميقة يجب ان نحيا في ازمة » لان الازمة هي التي ترفعنا الى اصعدة نبيلة في
الوجود . وكي نتذوق الحياة باصالة وجب ليس فقط أن نغامر » بل أن نخسر ‎٠‏
‏بين مشاغل الوجودية الاولى » في الواقع » نجد التنبيه الى الابغاد العميقة والجدية في
الوضع الانسائي »؛ كأبعاد تناقض الدياة السطحية والضحلة التي يحياها الانسان ؛
والتي يتجنب فيها مواجهة قضايا وجوده الاولى » مما يجعل الحياة فقيرة ومنكفئة . هذا
المفهوم ليس تصورا آدبيا أو غلسفيا محضا ؛ بل كان ذ! نتائج مباشرة وجذرية في علم
التحليل الننسي حيث وجد بعض علمائه كماسلو وماي انه يلقي الضوء على الكثير من
القضايا التي تواجههم . فقد رأى هؤلاء مثلا أن المصيبة أو النكبة التي يتعرض لها فرد
ما غالبا ما تكون ذات مفعول علاجي . فقد يقود الالم الذي تولده الى شفاء المريض
النفسي . هناك عدد آخر أيضا من علماء هذا العلم يرون أن من آهم الاسباب في كون
المعالجة بالصدمات » كهربائية وغيرها » تقود الى نتائج ايجابية في المرضى » هو أن
هذه المعالجة توفر لهم تجربة موت وولادة خيالية .
في الادب أيضا نجد تأكيدا لهذه الطبيعة الخلاقة للازمات © للصراع » للعنف والالم .
فالانسان يتنازل عن معناه عندما يقبل بوجود رتيب » يعيش يه وبه . هذا القبول يعبر
عن ضعف » ولا يمكن أن يقود للحرية » والوجود الصحيح هو الذي يصل اليه الانسان
بعد المرور بالفوضى والبلبلة والالم . هذا المفهوم يطالعنا في مجموعة كبيرة من الادياء )
من نيتشه » وبلاك » ودوستويف سكي » الى هيس » وويلسن . اننا » في الواقع نجد
عددا من كبار الادباء » كهيس © وسترينديرغ »© قد انتجوا أحمل انتاجهم أو قسما مهما
منه » بعد انهيار عصبي أو عقلي أصابهم . في « الدكتور فوست » » يكتب توماس مان ©
بأن الخاطىء العادي لآ يثير عطفا كبيرا » والسلوك العادي لا يتميز بأية مكانة لاهوتية .
ولكن القدرة على خطيئة لا تجد ثفاء وتجعل الانسان ييأس باطنيا من الفداء » هي
الطريقة اللاهوتية الصحيحة الى الخلاص ‎٠‏
‏الاوضاع التي يحدث فيها العنف الثوري الكبير تكشف عن الظاهرة نفسها . فهي اوضاع
يشعر فيها المجتمع أو قسم منه شعورا حادا بانهيار الوجود اليومي الرتيب » فيرد على
الانهيار بالعنف التوري يعالجه ويتجاوزه فيه . هذا الشعور بالوصول الى نهاية الاشياء
القائمة والعادية » أو بوصول الوجود الراهن والتقليدي الى نهايته كان من أهم الحوافز
الى العنف الثوري . لقد كتب كيركجارد مرة » « ليست الطريق هي الصعبة »؛ ولكن
الصعوبة هي الطريق » . العنف الثوري الذي يجابه فيه الانسان التحديات الكبيرة هو
الطريق الى الخلاص من وجود مرهق ومذل ‎٠‏
‏الخلق والابداع يتوفران في ذيل التدمير والهدم 4 ولا يمكن للصعيد الاول أن يحتق ذاته
دون الصعيد الثاني . فهما وجهان لحقيقة وأحدة » وعلاقتهما هي علاقة ديالكتيكية
وثيقة . كل شيء موجود مقضي عليه بالخراب والموت » وعملية الخلق والابداع تبدا »
عند اعتماد العنف الثوري » في تكنيس مسرح التاريخ من العقائد والنظم والتراكيب
الهرمة التي اخذ يدب اليها الموت والخراب . هزة الخلق والابداع تلازم مطرقة الهدم
والتدمير القاسية .
'“.غى » بل للحيلولة دون استقرار الاوضاع العربية وتحجرها » وللمارسة الضغط
الدائم م . ”.كي يتمكن من تجديد حيويته واحياء طاقاته » الكشف عنها وحشدها . فهو
ماك للم ام '' “#نى, الحاد ليس بيننا وبين الاحتلال فقط » بل بين الواقع العربي
يمثل وننطف” .| جب عليه هذا الواقع ؛ بين المصالح والقيم المرتبطة بهذا الواقع
القائم وبين * (رى يو .طن تجاوزها » بين حياة يومية تقليدية رتيبة وبين سلوك جديد
وبين ليب ويرئعه #لى تكسير طوق هذه الحياة اليومية والتحرر من كابوسها الذي

هو جزء من

شؤون فلسطينية : عدد 3

تاريخ

يوليو ١٩٧١

مجموعات العناصر

Generated Pages Set