شؤون فلسطينية : عدد 2 (ص 134)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 2 (ص 134)
المحتوى
نلتقي في لبنان © وقد نلتقي في لندن ‎٠‏ كان من حسن
الحظ ان عملي يتتضي مني كل سنة تقريبا سفرة
الى لندن تدوم خمسة اسابيع أو ستة . وحال
وصولي اليها ©» يأتي توفيق من كمبردج © ويبقى في
الدينة الكبيرة بقدر ما يستطيع التغيب عن عمله ©»
ذاهبا الى كيبردج عائدا الى لندن » طيلة اقامتئ
هناك - كنا نقضي الاماسي الطويلة في حديث لا
ينقطع »© في متاهي المدينة ومطاعمها . وكان لنا
بالطبع اماكثنا المحببة الخاصة » فسير ان أحب
مطعم الينا كان مطعم « البوليفار » في شتارع
«وغمور» © القريب من « أكسسفورد سستريت » .
كنت أحثه على الكتابة » ويحثني عليها وان كان هو
يعتقد أنني لست بحاجة الى حث . اما هو فكان
بحاجة الى الدفع مستمرة . ( كنت » حتى في لندن»
اذ خلوت الى نفسي »© اكتب © فيكاد هو لا يصدق
ذلك ؛ ) وهكذا كان ان استخلصت منه وعدا بكتابة
دراسة عن اقاصيصي التي ازمعت اخراجها مجموعة
في كتاب عام ‎١1461‏ . وقد كان قبل ذلك قد كتب
دراسة نقدية لشعر عمر أبي ريشة © نثرت في
مجلة « الآداب » » جعلتني اجزم انها وقتئذ خير ما
قرات من نقد في العربية في موضوع معاصر . ولا
صدر كتابي « عرق وقصص اخرى » وقرأت مقدمته
لاول مرة - اذ انني سلمته القصص »2 وطلبت اليه
ان يكتب ما يشاء وينشره كمقدمة قبل ان يريني
اياه ‏ طفرت الدموع الى عيني مرات عديدة ‎٠.‏
‏« عبر الارض البوار » كانت شهادة مسهبة معقدة»
عميقة الابعاد »© نافذة الرؤيا » لا على محاولتي
القتصصية فحسب © بل على محاولة توفيق نفسه
في فكره وفنه . وانا ما زلت اعتقد ©» بعد خمسة
عثر عاما من نشرها »© انها ريما كانت ابرع دراسة
نقدية ظهرت في جيلنا الادبي ‎٠.‏ وقد اعترفت له انني
بعد ذلك ادركت ان من السخف ان اتصدى لعملية
نقدية الا اذا استطعت ان اجاري ما كتب . كانت
امتحانا لي » وحافزا ©» لم اعرف مثلهما حتى اليوم .
ورغم انه كان يكتب الشعر - ولكن بقلة غريبة ‏
جعلت اطالبه بكتابة نقد جديد ‎٠.‏ كنت اطالبه »
فيعد © ويختار ©» ويخطط © ثم يرفع يديه يائسسا
قائلا انه « عاجز » عن التنفيذ ‎٠.‏
بيد ان الشعر لم يكن يفارقه » رغم حرصه على
ألا يطلع احدا عليه قبل ان ينضج ويختمر على
هواه . فطيلة السنوات الواقعة بين 11565 و.55١‏
كان يكتب القصائد © ولكن دائما بألم ‎٠‏ كان يتحدث
عن الالم الذي يسبق الكتابة » والذي يرافقها »
والذي يليها . لان القصيدة لم تكن يوما لديه ألهية»
او ازجاء لساعة فراغ . كانت القصيدة لديه تقطيرا
عاتيا لتجربة عاتية » وكان عليه أن يكون في كل
سطر منها صاحب صورة جديدة » يحاسب عليها
نفسسه حسسابا واعيا » صارما . وكان في النصف
الثاني من هذه الفترة الهامة من حياته الشعرية
ان تعرف بفتاة تدمى « كاي » كانت له ») بعد
المسيح وفلسطين » اللهم الاكير سنوات عدة ‎٠.‏
‏ليس لنا » على هذا القرب ان نستقصي ملاقات
توفيق بعدد من النساء اللواتي كان لهن اثر في
شعره »© ولو ان ذلك سيغدو مع الزمن ضروريا
لاستيضاح الكثير من فوامض ششخصيته وشعره ‎٠‏
‏ولكن لا مفر من القول أن توفيق © بعد « ثلاثون
قصيدة » » لم يجد في المراة ذلك الالهام الرومانسي
الذي يحلو للناس ان يتخيلوه ‎٠‏ كانت المراة مصدرا
للكثر مما يقول © ولكنه مصدر متفجر ©» خطر ©»
جارح ©» محطم ‎٠‏
كانت كاي تغويه وتعذبه معا © وتتقن كلا الفنين
وتتمتع بهما . ما راأيته في لندن في اواخر
الخمسينات »© الا وهو في تباريح غريبة من هذه
الفتاة ‏ وهي فنانة تقيم في لندن ©» تتشبث به
وتغار عليه » وتعقد عليه لذة الحب بلذائذ من
قسسوتها السادية لا يستطيع منها فكاكا . تغار عليه
حتى من اصدقائه © فلا تريده ان يراهم © ولا تريد
هي أن تراهم . أسسماء صحبه لديها تعاويذ شريرة.
يأتيني منهكا » شاحب الورجه »؛) محروم الثوم »
مهووسسا برعب هذا الحب اللذيذ المرير ‎٠‏ ولا انكر
أنني » في احدى الفترات » جعلت اثشىك في وجود
امرأة كالتي يصف » والتي لم ارها قط . ومرة
اخرى قلت له ايامئذ انني جعلت اظن انه انما
يروي لي عن مغامرة راعبة من خلق خياله ‎٠‏ غير
ان امره معها تعدى كل حد ©» وكانت العقابيل
واضشحة . كان يحاول ان يخلص نفسه بكتابة
الفشعر » وهو الذي ياأتيه بالالم الممض ايضا ‎٠‏ كان
يداوي الالم بالالم . الى ان جاعني يوما في ربيع
عام ‎٠‏ واعترف »© وهو يخثى الاعتراف © بأنه
يفكر بالانتحار . المزعني تلك الليلة .كان في ذهول
لم أر أحدا في مثله : يصحب ذهوله اصنرار في
الوجه » ورجنة في الشنتين الجافتين » ورعقة في
الراس اذ ينتفض فجأة وهو يتكلم © فأرى أن
المسألة قد تجاوزت حدود العقل . وكان لي معه
في تلك الليلة مراك : الحياة اهم من كل امرأة »
الشمعر اهم من كل تجربة » وتوفيق صَايمْ اهم من
رضحلا
تاريخ
مايو ١٩٧١
مجموعات العناصر
Generated Pages Set

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 7280 (4 views)