شؤون فلسطينية : عدد 2 (ص 169)

غرض

عنوان

شؤون فلسطينية : عدد 2 (ص 169)

المحتوى

التومية العربية. السائد . جوهر هذه النظرة
الصهيونية البديلة هو النظر الى الشرق الاوسط
كمنطقة اقليات - عنصرية ودينية معا ©» وان كان
المؤلف يفضل التركيز على الاقليات الدينية » لا
كمنطقة قومية عربية. وفي تقديم هذه النظرة البديلة
لا يغفل خدوري ان يستمر في انتقاد دخول حركة
التحديث الى منطقة الشرق الاوسط تلك الحركة
التي يحملها خاصة مسؤولية المصير الذي آلت اليه
بعض الاقليات في منطقة الشرق الاوسط : الارمن
في تركيا » والاشوريون في المراق والتجمعات
اليهودية في بعض اقطار الوطن العربي ‎٠‏ يبدو
خدوري هنا راثيا لتقاليد الامبراطورية العثمانية
متأسسفا على ما كان محتما ان تأتي به حركة التحديث
في الشرق الاوسسط من نتائج قد لا تكون كلها باعئة
على السرور . واصرار خدوري على فهم المنطقة
العربية عن طريق التصنيف الديني دفعه الى تكريس
دراسسته عن « الديانة والسياسسة » الى مسسيحيي
المشرق العربي والى دورهم القومي الذي يغالط
المؤلف فيفسر حوافزه تفسيرا دينيا . حماسة
المسيحيين العرب للعروبة وتقديرهم للاسلام يبدو
لخدوري تعبيرا عن ششبعورهم الداخلي بعدم
الاطمئنان وسط مجتمع مسلم . اما حماستهم في
مناهضة الصهيوئية ‏ ولا سيما الفلسطينيون
منهم ‏ فلا يفوت خدوري أن يرى فيها مناهضة
للسامية قادمة من الغرب المسيحي ‎٠.‏
ودراسة خدوري عن « هربرت صاموئيل وحكومة
فلسطين» تمجيد شخصي للمندوب السامي البريطاني
الاول في غلسسطين الذي أوكلت اليه حكومة لندن
كيهودي صهيوني بريطاني مهمة البدء بتنفيذ وعد
بلفور في نطاق نظام الانتداب ‎٠.‏ محور هذا التمجيد
الشخصي هو محاولة اظهار صاموئيل في فترة توليه
مهمته بمظهر الاداري الحكيم المتعاطفب ‏ أبويا
تقريبا ‎ !‏ مع العرب رغم صهيونيته شخصيا ورغم
صراحة المهمة التي قدم لتحقيقها » ورغم الضغوط
الممارسة مليه من قبل المنظمة الصهيونية ‎٠.‏ ولكي
يثبت خدوري صفات « المحسسن » على صاموئيل
يذكر اربع حوادث يدرس فيها مواقف صاموئيل .
هذه الحوادث هي انتخاب المفتي امين الحسيني
وتشكيل المجلس الاسلامي الاعلى وقضية المجلس
التشريعي وقضية تأييد صاموئيل لنوع من الوحدة
او الاتحاد بين بعض اقطار المشرق العربي . لن
نبحث هنا في تفاصيل هذه الحوادث ومواتف
صاموئيل منها . يكفي ان نقول ان ما اثبته خدوري
من مواقف صاموئيل لا يثبيت احسان ومحاسسن
صاموئيل بالقدر الذي يثبت به حقيقة كبرى من حقائق
القضية الفلسطينية . تلك الحقيقة الكبرى هي انه
حتى اشد الصهاينة تطرفا لا بد له حين يتعرف
على الوقائع ويتعلم منها الا ان يصبح اكثر تفهما
ولا نقول متفهما ‏ للحق العربي في فلسطين
حتى ولو كانت مهمته الرسسمية ورغبته الشخصية
تكمن في هدر ذلك الحق » اللهم الا اذا كان تطرفه
قد سد عليه حواسه كلها . هذه الحقيقة تفسر ايضا
ظاهمرة تكرر تذمر الصهاينة المتطرفين من تصرفات
كثير من الموظفين البريطانيين اثناء الانتداب ©» في
الحين الذي كان فيه هؤلاء الموظفون يقدمون بأنفسهم
المساعدة للصهاينة لتحقيق اغراضهم ‏ كل ذنب
هؤلاء الموظفين كان انهم تعلموا ششيئا ما » عن طريق
احتكاكهم اليومي بالعرب » عن عدالة القضية
العربية . هذه الحقيقة لم يدركها خدوري او ملى
الاصح ادركها فتجاهلها .
المؤلف الذي استعرضنا وانتقدنا كتابه فيما سبق
صهيوني بحاثة لا شك بكلتا صنتيه . والدراسات
التي تجمعها دفتا هذا الكتاب جدية وان كانت لا
تخفي غرضا » ومع مأ فيها من دقة وقائعية وتوثيقية
الا ان تحيز كاتبها الواضح ينفي كثرا من قيمتها.
وعلى كل حال فان الكتاب تمثيل حذق للنظرة
الصهيونية لا سيما حين يتوجه المإلف خاصة الى
قراء انجلو ‏ امريكيين . فمع انتقاده للسسياسة
البريطانية وبعض اوجه النشاط الامريكي في
المنطقة » ثمة مناششدة توحى ونصح يوجه بحذر
وثقة معا . وفي ثنايا الكتاب تتردد انفاس رجعية
رهيبة تفضح رجمية الصهيونية» فهي تود لو أغلق
امام الشرق الاوسبط باب العصر .ليبقى نائيا فى
سديم تقليدي منفعل وتتردد فيه ايضا تمنيات
بائسة تود لو ينظر الى الشرق الاوسط كمنطقة
اقليات لا تبرز من خلالها الحقيقة العربية برسوخها
وشموخها . واذا كان المإلف يخطىء ويغالط في
اكثر ما يقرر أو يثبت ©» مان ذلك ليس بالسبب
الكافي لنمر بالكتاب خفاقا » فخدوري بحاثة يعرف
مصادره جيدا ويعرف كيف ينتقي منها ما يناسسب
غرضه جيدا . وبهذا المعنى فان كتاب خدوري دعوة
للباحثين العرب لكي يكتبوا بأنفسهم تاريخهم القومي
بشكل موضوعي مقنع ‎٠‏ :
جورج كبور
كل

هو جزء من

شؤون فلسطينية : عدد 2

تاريخ

مايو ١٩٧١

مجموعات العناصر

Generated Pages Set