شؤون فلسطينية : عدد 76 (ص 199)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 76 (ص 199)
- المحتوى
-
54
السهروردي يدرك ان فوق جبل سينا جبالا كثيرة » ووراء هذا الاب الروحي الذي
خاطبه آباء روحيون كثر , ثم ان الذي كلم السهروردي على جبل سينا افهمه انه يجب
ان يعود الى الارض ثم بشره بأنه سيصل الى الله بعد ذلك » ٠ )١8(
اذا كان هناك ثمة وجه للصلة » فهي الرغبة الانسانية منذ وعيها الطفولي لاكتشاف
ذاتها واكتشاف العالم من حولها ٠ واذا كان كاتبنا القى ببطله في احضان الطبيعمة
لامتحانه الانساني ٠ فانه يهدف الى صياغة نوع من المقابلة بين صفاء الوجود , والتشوه
في صورة تشكله ٠
تعرية شديدة اللهجة للواقع الانساني عبر مقابلته بصورته الفطرية النقية » لصياغة
لوحة التضاد بين النقاء الاصلي ٠ والتزييف الطاريء ؛ مقابلة تضاد لا تتفق مع
ديموقراطية روسو التي تعلن : « ولد الانسان حرا » او المفهوم الذي طرحه ب عمر بن
الخطاب « متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا. » ٠ فروسى لم يكن ياأخذ
في الحسبان « هذا الواقع البسيط وهى ان الطفل الذي يطلق اولى صرخاته عند ولادته
في كوخ فلاح لم يتمكن من ان يكون حرا » نظر! لانه لا يرث فقط ملامح ابويه الخارجية
بل.يرث ايضا وضعهما المالي » وان الطفل المولود في قصر احد النبلاء , او في دار تاجر
محترم هو اكثر حرية بكثير من الطفل الاول » ٠ )١٠١(
فكاتبنا لا يدافع هنا عن الحرية بصفتها حقا طبيعيا للانسان الطبيعي » وانما يطلق
الفعالية الانسانية الحرة المكبلة بشبكة القمع الطبيعي والاجتماعي ٠ فزكريا المرسنلي
ورث الاضطهاد والتعاسة منذ نعومة اظفاره « في صغري ضربوني كثيرا . والذي جعل
العصا معلمي الوحيد ٠ كان يضربني باستحقاق , ولكنه كان يضرب نفسه ٠ والدتي
نصحتني ٠ حبستني »؛ فعلت كل ما تستطيع لاصير بشرا » وخابت مساعيها ٠ تركتني
وشأني ٠ قالت : انت ازعر لا خير فيك , لم افهم شيئًا » ٠ )١7( وهكذا فان حنا يرصد
شخصيته وتطورها وفق ارتباطهابالواقع ٠» معيدا انتكاساتها واحباطاتها الى سببية
تكمن في جوهر العلاقة التي تحكم الفرد بالمجتمع ٠
السديمية التي انتهى اليها المرسنلي تتناقض مع الوهج الحي المستمد من نبض
الق الكون » فما هي الا نتاج الصدة الطارىء على الجوهر الانساني النابض ٠ ولذا
فان كاتبنا ينقب عن كل ابعاد الروابط الاجتماعية التي تحكم الشخصية ؛ وتبعث العطب
فيها » بداية من نقطة الصفر . من عتبة الطفولة . فمصادرة الاحساس بالفبشة
الانسانية تتجذر في اعمق خلايا النسيج الداخلي للواقع الاجتماعي والتاريخي الذي
تترعرع في بنيانه هذه الشخصية ٠ ابن طفيل من خلال بحث ( حي بن يقظان ) عن
سر الوجود ,2 يضغط الوجود المادي ٠ ليتبدى عن هيولاه . عن الكمال الحطلق , المتجسد
ب ( الله ) ٠ أما حنا فمن خلال. كشف (المرسنلي) لسر وجوده , فانه يضغط
الوجود » دون ان تكون الذات بديلا له » ليتبدى عن هيولاه » عن قيمته العظمى ٠ المتجسدة
ب «١ الانسان » » يبحث بين فوضى انقاض العالم عن انسان الفعل وحده الذي يتملك
امكانية تأييد التاريخ » فاضحا قمعية العلاقات الاجتماعية التي تشيء الفعالية البشرية,
وتضغطها ٠ فالطبيعة ليست بديلا للعلاقات البشرية ٠ وانما تجسيدا للصفائية الكونية
المنبعثة في الذات الحرة فينا , والمضغوطة بفعل علاقات غريبة عن جوهر الطبيعهعة
والحياة ٠ فالمرسنلي في وحدته مع الطبيعة ٠ لم تكن الطبيعة بالنسبة له بديلا للاخر - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 76
- تاريخ
- مارس ١٩٧٨
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 39441 (2 views)