شؤون فلسطينية : عدد 94 (ص 29)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 94 (ص 29)
- المحتوى
-
م58
عندما غادروا فلسطين . وكان في بيروت ؛ في العالم المدمر لمخيمات اللاجئين ؛ ان قمت بقفزتي
الاصلية الى وعي ناضج وان كونت نظرتي الى العالم . وكان هنا ان اعيد جمع امتنا في
المنفى ٠ جمعا اقوى منه في اي جزء آخر من اجزاء غريتنا . وكان هنا ان خلقت صيغ الوعي
الباطني لجيلي الوطن الوجودي الاصيل الوحيد في العالم » وهى وطن كانت علته وتوتراته
الجماعية . طيلة هذه السنين . جزءا .لا يتجزا من جغرافية روحي .
اليوم في بيروت ابحث عن الصلة التي تربط جيلي من الفلسطينيين بجيلين آخرين جيل
والدي وذلك الجيل الذي ولد ونشأ كليا في المنفى . ولعلي بفعل ذلك سأتعلم شيثًا عن المشاغل
الداخلية للنفس الوطنية للفلسطينيين,وغما يؤلف أبعاد وطن وجودي.وقد اتعلم لماذا لايوجد اي
انقطاع في الصلة التي تريط وعبي بوعي الفلسطينيين الآخرين الذين « بقوا » في لبنان واماكن
اخرى . وقد اكتسب فكرة متماسكة عن كيف أن روح كل جيل كان قد نشأ عن نفس الباعث »
عن الرغبة في العودة الى فلسطين , على الرغم من كون كل جيل قد جلب معه على نحو محتوم شيئا
مختلفا_ظلامن الفارق يضاف الى هويتناءتوترا خاصا يتميزيه.وكيف ان رؤيا العودة:
الكثيرة الشيوع في ادابنا وفولكلورنا وعادات تبادلنا الاحتفالي » قد غدت اختبارا متقاسما »2
كالدين والاسطورة , وثبت الفلسطيني الفرد من خلالها مجموعة معانيه .
جنّت الى هناء الى بيروت لاجد اجوية عن نفسي كما عن شعبي . واظل اسأل لماذا . لماذا تبقى
الميتولوجيا الناشطة لجيل والدي ٠ عند المستويات المنوية للارتباط بها ؛ مطابقة لميثولوجيتى ؟
وما هي الطاقة المعقدة واء كون لغة واستعارة الفلسطينيين في كل مكان تتميزان بشبه داخلي
لهم . استقلال مغلف خاص بهم . ولاذا لم نختف كليا في انفساح غريتنا ؟ ولاذا في مواضعنا
المجزأة المتباينة , في الضفة الغربية وغزة و« داخل اسرائيل » ٠ وفي الكويت والعربية السعودية
وسورية واجزاء اخرى من العالم العربي , وفي استراليا والولايات المتحدة وأورويا ١ لم نققد
قبضتنا على فلسطيني بوصفها المرجع الوحيد في حياتنا اليومية . حتى بعدما ققدت فلسطين
مسوغاتها الجغرافية بوقت طويل ؟ ولماذا في كل مرة عاد بها فلسطيني الى لا وعيه , لينشد
تحديداته الذاتية » وليضم جراح حاسة آخريته ؛ كان على اتصال بلا وعي جماعي متجذر في
فلسطين ؟ ولاذا تحولت فلسطين الى فكرة بقدر ما هي ارض ودخلت ٠ بمثل هذا اليأس ؛ نفس
الفلسطينيين واضطرم: فيها اللهب ؛ فغدت المصدر البنيوي الوحيد لتوتراتهم . ولوضعهم
الوجودي والاختباري ؟
البعض بحث عن اجوية اكاديمية لكل هذه الاسئلة وعثر عليها في سوسيولوجية الملعونين ,
سوسيولوجية شعب اختيز خسارة تتخطى كل فهم عقلاني . حينما حاولت ان اعين سبب
هواجسي , معتمدا على موارد داخلية لايسعني ادراكهاولا تفسيرها . وجدت جوابا واحدا . فانا
اعتقد حقا اننا في الواقع لم نغادر فلسطين ابدا . اخذناها فحسب معنا . سنة 1444 ,
ونقلناها , سليمة » الى الاماكن المختلفة في الغرية التي سكناها منذ ذلك الحين . واعلم انني لم
اعش قط خارج فلسطين منذ ذلك الوقت » لثلاثين سنة خلت , عندما كنت طفلا في الثامنة ورحلنا
انا وهائلتي على طول الطريق الساحلية من حيفا الى بيروت بحثا عن ملجأ . لقد حملت كسرة من
فلسطين معي , طيلة هذه الاعوام » في اورويا , في الهند , في استراليا , في الولايات المتحدة ,
وهي احتوتني في داخلها . وكل مرة حاولت ان اتركها , مخبولا بحاسة آخريتي وتباعدي , - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 94
- تاريخ
- سبتمبر ١٩٧٩
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 39443 (2 views)