شؤون فلسطينية : عدد 94 (ص 37)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 94 (ص 37)
- المحتوى
-
7
الشتائم باعلى صوتهما . ويكررون : « عرب قذرون . عرب قذرون » . وطوال هذا الوقت
اشعر باللامبالاة .ان انني رأيت هذا , واكثر منه بكثير , يفتعل في القرية . كانوا يمسكون
الناس من شعورهم ويجرونهم الى وبسط الساحة ويركلونهم الى ان يغيبوا عن الوعي. . وكثيرا ما
كانؤا يأخذؤن معهم اشخاصا يشتبهون فيهم ولا يعودون ابدا . في ثورة 41557 1959 ,
قبل أن اولد ٠ شتق البريطانيون ثلاثة رجال من قريتنا , ثلاثة مجاهدين .
مع ان ابي لم يكن متجاهدا قط , فقد نقل الي نفسيتهم . ان ميتولوجيا المجاهدين هي جزء
لايتجزأ من تاريخنا الشفهي . فكل طفل فلسطيني يجلس على ركبتي والديه يصغي , مذهولا ,
الى حكايات الرجال الذين تحدوا البريطانيين الممقوتين وفيما بعد الصهاينة . كيف ان جماعات
من المجاهدين كانت تأتي الى القرية خلال الثورة ٠ ببنادقها وكوفياتها المرقطة فتخرج النسوة
الى الساحة ويقدمن لها الازهار واكياس الأغذية ويشير الاولاد اليها . وفجأة تقف امرأة على
مسافة قريبة » وتضع يدها فوق فمها » ممسكة شفتيها بأصبعيها وتبدأ بالزغردة . وتنضم
اليها النساء الاخريات وتتصادى الساحة , والقرية كلها , بالاصوات الصداحة . ويصير
الرجال في القرية توقيريين , ويخفتون اصواتهم ؛ فيما يحيون المجاهدين . « اهلا وسهلا .
اهلا وسهلا بالابطال » . وقبل أن يغادروا ؛ ينضم الى المقاتلين يعض الشبان من القرية الذين
يتركون الحقول ليعيشوا في الجيال مع المجاهدين . ْ
لم يذهب ابي ابدا . كان صاحب حانوت صغير .. وذات يوم يترجل ثلاثة جنود بريطانيين
من سيارتهم الجيب خارج حانوته ويتحدتون اليه . انهم سكارى . ويروح احدهم ويشتم ابي
لأن هناك ذبابا على السلع المعروضة بصورة مكشوفة ..واراد ان يعرف كيف تتوقع من اي
شخص ان يأكل هذا البراز والذياب عليه . وياخذ الجندي الآخر بندقيته. ويطيح بأكياس
الزيتون والجبنة والبرتقال » واي شيء قريب منه ٠ على الارض.ويقفز عليها » ويضج بالضحك ٠
ويمسك الجندي الثالث ابي من غنقه ٠ ويرمي بحطته من على رآسه وَيْضرْيه على ضدرة : وؤضار
اخي مجاهدا في شن الستابعة عثرة .
عندما غادرنا فلسطين , في النهاية » كان الفجر ينفخ حولنا مثل غضب الله - كانت
مدينتنا قد سقطت واخترقت عَلى جثث رقدت مستلقية على ظهرها : وطقق الغالم استحننانا .
ولكنني لا اكره : لم استطع ان اكره فينسن الثامنة '. كان نيسان ('ابريل ) ذائمًا وقتا طيبا من
السنة حيث ولدت . فالشمسن تشرق ورائخة الزيتون والبرتقال تعبق في الهواء . وهذا
النيسان , في:1554, كان آخر نيسان لوالدي في فلمتطين .
اليوم السابق لمغادرتنا المدينة نجلس في المنزل قرب الطريق الدولية ونسمع اصواتا
اجنبية تصرخ في مكبرات الصوت . اخرجوا نساءكم واطفالكم . وكرهت تلك الاصوات
الاجنبية . اخرجوا الجميع . اخرجوا كل شيء . ستكون هذه بلاد قوم آخرين الآن .
اخرجوهم . وحول الشوارع ؛ في البعد » ثمة اصوات نيران اسلحة متقطعة . اخرجوا
نساءكم واطفالكم . وهناك شعل ودخان والعاب نارية تنفجر في السماء , فوق المنازل ؛ وراء
المرفأ » قرب جبل. الكرمل » وقرب وسط البلدة . كان شيء ما يحتضر . كان شيء ما ينتهي
بالنسبة لهذا الجيل من الفلسطينيين . اخرجوا . كانت نقطة التحول . - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 94
- تاريخ
- سبتمبر ١٩٧٩
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 39470 (2 views)