شؤون فلسطينية : عدد 94 (ص 145)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 94 (ص 145)
المحتوى
ع1
ليشبع حاجة مجتمع معين وطبقة معينة مكررسة لحياة آلية تسعى الى الهرب منها . الوجود
الروائي متشابك ابدا مع الوجود الاجتماعي . واذا كان القرن التاسع عشر قد عرف ازدهار
الرواية النفسية وولادة الرواية البوليسية » فاننا لم نشهد عصرا عرف مثل هذا الركام من
الانتاج الروائي البوليسي التجسسي الخيالي كعصرنا بالرغم من نشوب الحروب التي شهدها
القرن السابق , وحدوث الانهيارات الاقتصادية . ريما لان السياسة يومها لم تكن بحاجة الى
خلق انواع روائية متخصصة بالرد المباشر او غير المباشر على هذا التيار اوذاك , بالرغم من ان
روايات القرن التاسع عشر كانت أيضا غير بريئة سياسيا .
في فترة الحرب الباردة انتج الغرب بطلا شعبيا أطلق عليه أسم ‎٠«‏ جيمس بوند » وجسد فيه
خوفه من المعسكر الاشتراكي ‎٠‏ ومجد عبره تفوق المجتمع الرأسمالي , وفساد المجتمعات
المالية . وحضارة المدن التي شبت بسرعة ‎٠‏ وسيطرة الجنس وهوس العنف . كان جيمس بوند
وريث أرسين لويين الذي مثل قبله الصراع بين الديمقراطية والعدالة .
وبحكم هذا الارتباط الوثيق بين الرواية والمجتمع فاننا ستركز عليه في دراستنا لرواياتتا
التي تحدثنا.عنها . وكما يقول لينهارت « ان السمة التاريخية الاجتماعية لاشكال اللغة
واضحة الى درجة لا يمكن لاجتماعيتها أن تغيب عنا . انها ليست جزا منفصلا من كل يمكن
تسميته بتاريخ الاشكال بقدر ما هي جزء من كل يمكن تسميته بتاريخ الايديولوجيات التي
تفرزها المجتمعات » والتي تعكس تناقضات الفرد في التاريخ وتناقضات التاريخ في الفرد » .
ان الروايات التي بين ايدينا هي جزء من تاريخ ايديولوجي , بل هي بحد ذاتها واقع
تاريخي اجتماعي . لذلك ليس من الغريب ان تبدو طبيعية لابناء الايديولوجية التي تضفي عليها
شرعيتها كما تعطي للسلطة شرعيتها . وليس من الغريب كذلك ان تواكب هذه النصوص تغير
بنية السوق , وتتحول الى سلعة تخضع لقانون العرض والطلب ‎٠‏ ويالتالي لمراحل الانتاج
والتوزيع والاستهلاك الرأسمالي . ولقد عبر هريرت غانز عن العلاقة الوثيقة للانتاج الثقافي في
البلدان الرأسمالية مع التجارة بقوله ‎٠‏ ان بعض الشخصيات الحكومية الاميركية تحاول توجيه
دور النشر لحساب هذا التيار السياسي او ذلك ‎٠‏ وبالتالي فان الموزعين سياسيون ثقافيون » وان
الجمهور ليس الا الناخب الثقافي » . اما ليو بوغارت فقد كشف عن أرتباط الجريمة السياسية
بالجريمة في وببائل الاعلام , حين ذكر ان لجنة رئاسية قامت , بعد مقتل كينيدي ‎٠‏ بتحقيق
اثبتث فيه ان الفترة التي أغتيل فيها كينيدي كانت الفتزة التي روجت فيها وسائل الأعلام لأفلام
الاغتيالات السياسية وقصصها . ان الجريمة السياسية في نظر بوغارت نفسه تدفع. الى تسويق
اكبر لروايات العنف ‎٠‏ او ان روايات العنف هي التي تدفع الى الجريمة السياسية ؛ وتمنحها
شنتى التقنيات الخيالية للوصول اليها .
غير اننا لن نصنف الروايات التي بين أيدينا تصنيفها التقليدي , ولن ندخل في أدبياتها او
جمالياتها أو مواقعها اللغوية لان أي تحليل من هذا النوع سيطمس يعدها الاجتماعي كما
سيعتبر تحليلا عبثيا » لانها روايات هشة ؛ وتكاد تكون صحافية. ..فهذه الروايات.هي شبه
قوالب جاهزة يسكب فيها التصور الغربي للعربي . انها ليست نصوصا تجريبية » كالرواية
الحديثة التي توجه اللغة في عدد من الاتجاهات وتخضعها لولادات مستمرة » بل هي نصوص
تاريخ
سبتمبر ١٩٧٩
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 36095 (2 views)