شؤون فلسطينية : عدد 94 (ص 165)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 94 (ص 165)
- المحتوى
-
لا
يسنهل عليتا الجمع بين متظوري الوعي واللاوعي ,
دون التورط في محاولة رسم الحد الفاصل بينهما .
ومن المرجح ان شرابي عمد الى كتابة مذكراته
كمثقف عربي أمضى ثلاثين عاما من سنواته
الخمسين في الغرب وف اميركا بالذات لكي يتبين
لنفسه ويبين للقارىء في أن معا حالة الجمر والرماد
التي آلت اليها سيرة الوعي عشية بلوغ صاحبها
عتية الخمسين من عمره . أن صفحات مذكراته تعج
بالصور والوجوه التي يستحضيرها من الماضي
ويحركها امام القارىء ببراعة فائقة كالدمىي
احيانا لكي نكتشف من خلال عنصر المفارقة
الزمنية ان المراحل والمحطات التي بلغتها مسيرة
الوعي الثقافي واجتازتها . تبعا لمراحل الدراسة
والانتماء الحزبي والنشاط السياسي ؛ تتوقف في
خاتمة المذكرات عند العام ١954 . قالفترة الممتدة
من ١59544 الى ١571 توصف في الفقرة التالية من
الجمر والرماد بانها فترة د صمت ف المنفى » : ا
« ثم وقعت كارثة ١5164 . ولم يصبني منها الا
الرذاذ . وفي سنة ١944 , التي حطم فيها الحزب
( بعد عودتي من شيكاغو ببضعة اشهر ) اصبت
بضرية مباشرة . ورغم تلك فقد نجوت بنفسي وعدت
الى اميركا . في حين اعتقل معظم اصدقائي وقتل
البعض . ومنذ ذلك الحين وحتى سنة ١5571 تحولت
حياتي الى حياة صمت في المنفى »( ص ١79 )
لقد شهدت فترة الصّمت هذه والتي عاشها
شرابي في المنقى . كما يقول في مذكراته صعود
الناصرية كظاهرة تحررية ومتاهضة للاستعمار على
الصعيد السياسي العربي والدولي , هذا بالاضاقة الى
الزخم الذي استمده مسار الفكن: القومي والوحدوي
العربي . ومما يسترعي الاتتباه ان مذكرات شرابي
تصمت بالفعل حيال هذه الظاهرة البارزة التي
استحوذت على عقول الكتيرين من المتقفين واستقطبت
تفكيرهم وتوجههم السياسي والقومي طيلة فترة لا
يستهان بها من تاريخ العرب المعاصر .
ولا بد من التساؤل عن مبرر هذا الاغفال أى
الصمت المتعمد من جانب صاحب مذكرات الجمر
والرماد . ريما كان احد الاسباب يرجع الى كون
هشام شرابي قد سبق له ان تناول هذا الموضوع في
كتاب آصدره في ١ المثقى » عام 1537 بعنوان
« القومية والثورة في العالم العريي : ( الشرق
الاوسط وشمال افريقيا ) فقي هذا الكتاب الصادر
عن « مواطن أميركي » من ٠ مواليد لبنان » ( كما
يقول غلافه ) يقدم شرابي تحليلا للقوى التي لعبت
وتلعب دورا حاسما وقعالا في تكوين سياسة الشرق
الاوسط ( أي العالم العربي وشمال افريقيا ) .
واذا كان المجال لا يتسع هنا للتوقف عند الملامح
الرئيسية لهذا الكتاب الذي نعتيره متمما للنواحي
المغفلة في المذكرات . فلا ضير هناك على الاطلاق في
التذكير بان طالب الفلسفة قد تحول هنا الى استاذ
للتاريخ وانظمة الحكم في جامعة جورجتاون وحبذا لو
اشار شرابي في مذكراته إلى هذه الأمور دفعا
للالتباس وتنويرا للقارىء . مع العلم تماما بان فئة
معينة من قراء الكتاب تكتفي بالترحيب والاستقبال
الحار » دون الخوض في التفاصيل والتساؤل عن
مغزى الاغفال ومبررات اللوذ بالصمت .
ومن الملاحظ لدى متتبعي كتابات شرابي ان
القدمة التي كتبها عام 15174 ونشرها في مطلع كتابه
« مقدمات لدراسة المجتمع العربي » ( صدر عن
الدار المتحدة للنشر , بيروت ١5170 ) ؛ تكاد تؤلف
قصلا لاحقا من فصول مذكرات الجمر والرماد .
فالمثقف الذي بلغ الأربعين من عمره عشية الخامس
من حزيران 1537 , خرج عن صمته في المثقى ودخل
في مرحلة جديدة من حياته . لك ينتقل من المحافظة
الى الثورية في التفكير . ويقف: عند هذا المنحطف
التاريفي الفاصل . ومن ثم يأخد باعادة النظر
جنريا في مواقفه الفكرية والسياسية السابقة كلها .
هنا تطالعنا المفارقة الزئنية . حيث ٠ الماضي يفتح
ابوابه امامي ٠ وتعود الذاكرة بهشام شرابي عشية
الخامس من حزيران 1531 الى مدينة يافا ..مسقط
راسه . التي رأها صاحب الجمر والرماد للمرة
الاخيرة من ناقذة الطائرة التي اقلعت به ب وعلى
عتنها فايز صايغ من مطار اللد + في يوم ماطر من
كانون الأول سنة 1547 . في طريقها الى أميركا ,
( المقدمات , ص 1١ ) . وبهذه الرحلة التي ابعدته
عن ارضى الوطن طلبا للعلم:والثقافة تيد فاتحة
مذكرات الجمر والرماد .
وحين يعمد الباحثون الى دراسة الآثار التي
خلفتها هزيمة الخامس من حزيران ١9517 لدى
المثقف العريي سواء كان مقيما في الوطن أم مغتريا في - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 94
- تاريخ
- سبتمبر ١٩٧٩
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 39437 (2 views)