شؤون فلسطينية : عدد 55 (ص 126)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 55 (ص 126)
- المحتوى
-
11
داخلها ما يثمبه الناس الصغار الحجم . انهم ليسوا اطفالا في مثل سني كسان
يفكر » وعندما سأل والده مرة عن سر كون هذه السيارات صغيرة الى هذا الحد »
أجابه والده بلهجة العارف بالاسرار » أن السبب يعود الى كون الاشرفية جبلا » كان
البيروتيون يقصدونه للاصطياف . وهي جيل عال بالقياس الى بيروت . فالسافة
طريق كرم الزيتون . وكلما بعدت المسافة تصغر الاشسياء . وغدا عندما تكبر سوف
ترى السيارات صغيرة جدا . لأن الرؤية ترتبط كذلك يحجم الذي يرى . كنت أهز
رأسي دليل الفهم دون ان افهم شيئا . وغاليا ما كنت اترك والدي يتكلم حكايته التي
يكررها دائما عن المسافات والسيارات » والتهي بملاحقة احد الزيزان المذهبة وهو
يطير دين الحشائش الخضراء أو يقف مين اغصان شجر الزيتون 8
صف طويل من السيارات الصغيرة التي لا تصدر أصواتا . نجلس. على حافة
التلة نتآملها »؛ وننتظر الهوم الذي ستكبر فيه فئراها صغيرة جدا * أو ثنزل الى
الطريق فتراها كبيرة ٠ تسبير أمامئا وكاتها قطرات ماء ملونة © أنها أحجام مختلفة .
شاحنات »© ناقلات نفط » سيارات صغيرة من مختلف الانؤاع . نميزها دون أن تعرف
الأسدماع أو الوظائف . كانت بعيدة وصغيرة 4 ونحن نمسك بأيدي بعضنا وننتظر ان
كيف تكون السيارة صغيرة لانها بعيدة . واحلم بقصص الاقزام التي أخيروئا اياهما
في المدرسة »© أو بقصص الرجل الذي مسخه الشيطان الى قزم كما تخبرني جدتي .
الجيل الصغير في مكانه » الحشائش التي تغطي جسده الجميل » بدات تخلي
مكانها للطرقات ؛ فرحنا بافتتاح اول سينما في السيوثي . لكن المفاجآت كانت تنتظرني:
السيارات فنرأها تكبر ٠ نحن نكبر والسيارات تكبر ٠ الحركة تحيط بنا والاصوات
ترتفع ٠ نحن نكبر والخطوط ألتي كانت مستقيمة تتعرج الى ما لا نهاية » والاصوات
يتقوس ويتعرج . أبحث عن ذكرياتي حين كان احد الشعانين عيدا نخرج به من
السيارات تكبر » تحيط بي . الاسجار تصغر او تختفي . انا اكبر والسيارات
تكير »© وحول رتبتي أصواتها » الوائها » احجايها . الآن نميزها لكننا لا نفهم ٠.
التوقعات القديمة أو الذكريات القديمة مجرد توقعات أو ذكريات .
في الليل » تصعد السيارات من الطرق الثلاثة الى التلة المرتفعة » أو تأتى اليها
تحيط بي الاضواء ألتي تسحق العينين . يحاصرني صوت محركاتها وهي تتقدم الى
وجهي . السيارات كبيرة » لها عيون واسعة تمد خيوطا من اللهب الذي لا يحرق .
السيارات تكبر ونحن نكبر ٠ والطرق الواسعة تكبر ٠ والاشسجار تنحني على
الجبل الصغير ٠ أين أصبحت معادلات والدي وهو يروي لي حكايات المسافة
والعلو والكبر ٠ . .5 : .
تقف وحدك © وسط نهر من الإضواء التي تمنعك من الرؤيا وتسرق ذاكرتك .
وتذهب للبحث عن بيتك وحيدا وبلا ذكريات .
عر عرو - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 55
- تاريخ
- مارس ١٩٧٦
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22323 (3 views)