شؤون فلسطينية : عدد 87-88 (ص 302)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 87-88 (ص 302)
المحتوى
ددن
نظرة اولى واذا بالارض الرحيبة نتمطى امامك ؛ مبرزة كل خطوطها المتناسقة , المتللة
المعقرة بخصب ريان » بنور اسطع ‎٠‏ وبريح خفيفة كانت قد هبث لينا في هذه الاثنسساء
هبوب حسن ومتعة الى حد الاحساس بالتذوق واستثارة الشهوة ‎٠‏ فاضفي على الكل
حينئذ ابعاد جديدة . أفاق فتحت واخرى اغلقت , وبدا وكان شيئا ما كان قد لقنه
النسيان تقريبا » مع انه في الظاهر صلب ويمكن الاتكاء عليه ب حتى اللحظة التالية
التي يتجسد فيها وجوده ‏ واذا بمربعات الحقول » المحروثة والمورقة ‎٠‏ والبساتين الظليلة ,
والوشائع الشجرية التي تقطع السهل قوالب مسترخية وممتدة , والتلال الملونة التي
تخفي وتكشف أفاقا لازوردية بعيدة , قد خيم عليها كلها اسى اليتم ولفها الحداد ‎٠‏ حقول
لن تحصد بعد وكروم لن تروى وسبل تقفر ‎٠‏ كما الضياع كانت كلها كما العبث ‎٠‏ كتشابك
العليق والاشواك فوق كل شيء , وكصفرة اليباب ونهيق الخواء ‎٠‏ واذا بتلك العيسون
المتهمة تحدق من قلب الحقول بك ؛ انه صمت النظرة المتهبة » تماما كتلك التي
للحيوائنات المهانة » تحدق بك وتصحبك ولا عقر ‎٠‏
ومن بعيد رأينا بعد ذلك , خوق احدى التلال التي تشقها الطريق التثرابية الكبيرة ,
عدة شاحنات تتفدم منا ببطء » تزحف كخنافس عمياء , وتصارع حفر الطريق ولا صوت
يسمع لها بعد * ويبدى ان ما كنت قد فكرت به ارتسم على وجهي دون ان ادري » اذ ان
عامل اللاسلكي التفت الي في نفس الوقت الذي كان يتصل فيه ؛ قائلا :
م انك سيم المزاج اليوم ‎٠‏ ما الخبر ؟ . ‎٠‏
« لست سيم المزاج اليوم » وليس من خبس » , اجبته بنغمة لا تذكر في الواقع بنغمة
ازواج خراف تجتر عند الغروب » وان كنت لا تكترث منها هي تصرح هل تود الضرب .
تعال فاليك الضربات لك ! بالحماسة نفسها التي يهين شخص ها رفيقه بسبب كراهيته
لوجهه الذي وشى بقلبه *
انحدرنا من فوق الثل , على شفا هاوية ( كانت قد تملقت هواجسي ) الى احد الكروم ,
وبينما كنا نفوص في الاثلام الطينية الموحلة ؛ مندفعين الى الامام والى الخلف نشق
طريقنا » اصيب يهودا , الذي نزل من الجيب يدفعه ‎٠‏ بكتلة طينية كثيفة » فعاد الينا
مللما كله وراشها ومرشوشا وهى يشتم السائق والاعيبه التي لم تعد الاعيب »
غاضبا من ضحكنا وسخريتنا ومتوعدا يانه سوف يرينا ما الذي سيفعله بنا , ولم يهدا
غضبه حتى عندما لخرجنا وسرنا اخيرا في الطريق الترابية » بل ولا عندما رحنا نعزيه
بأن كل شيء سرعان ما سيزول مجرد ان نجلس ولن يبقى اي اشر ؛ اذ ان الوحل ليس
بوسخ وانما هى ثراب رطب ليس الا *
تجولنا من بعد بالمسارب اللاهثة , تسكعنا بين الوشائع المكتظة كقطيع مذعور ؛ قطعنا
ممرات حقول شعرية ب اسفنجية مفتوحة , كانت الغلال تنبت على جوائبها كما في كل
عام » تمشطها اللمريح امواج ظلال واطئة . متدفقة سائرة باستمرار كعادتها ‎٠‏ اما انا
فقد تخيلت أن ثمة كف ليد تخط عليها عنوة « لن تحصد » ؛ ومرت على الحقل كله
وما جاوره بسرعة , تتخطى البور والمحروث , واختفت في التلال واجمة ‎٠‏ تقصينا كل
مشروع زراعة في القرية وحقولها ‏ فادركنا الختيارهم لاماكن الكروم , وفهمنا دوائعهم
للحواكير ‎٠‏ وبساتين الخضار » كما واتضح لذا المنطق في حقول الفلاحة والكراب , البور
منها والمحروث ؛ لقد كان كل شيء واضحا جدا ( مع انه كان من الممكن التخطيط لما هى
أافضل في راينا » وقد شرعنا في ذلك دوئنما قصد منا , كل يخطط لنفسه ‎ )‏ ولا ينقصها
تاريخ
فبراير ١٩٧٩
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 39478 (2 views)