شؤون فلسطينية : عدد 87-88 (ص 305)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 87-88 (ص 305)
- المحتوى
-
الثانية كانت قد تقدمت واقتربت فلم نوليه انتياها بعد ٠
كان هؤلاء الذين اطلوا يتقدمون في طوابيسر , وقد صدهم مشهد سابقيهم داضسل
الشاحنة فتوقفوا عن المسير ٠ وكان في اخر الطابور ثمة نساء كذلك فانطلق من بيهن
عندها صوت ينتحب ٠ ( اقشعر جلدي ) ٠ بدا وكأن شيئا ما سيحدث هذه المرة ٠ هر بي
شيذان » كانا' يغذان السير ويتمتمان , ولا ادري أكل الى صاحبه ام كل الى نفسسسه ,
محاولان التوقف امام الجيب ؤقد بدا لهما مجلس جاه يرفعان اليه شكواهما , الا انهم
كشوهما هناك بالايدي لكي يتابعا طريقهما ويعيران : ٠ يا لله , يا لله » ٠ فتابعا طريقهنا
وعبرا ٠ الا انهما بدلا من ان يعبرا الثغرة » واصلا السير في بركة الماء مباشضرة
يخوضان في الماء باقدامهما الحافية وهما يرفعان ذيلي ثوبيهما بايديهما , كما لى لم يكن
العبوس في بركة ماء بشيء خاص * غسار الاخرون في اثرهما يخوضون في الماء معتقدين
ان هذي هي الطريق التي يتوجب عليهم سلوكها ٠ وكان ثمة من انحنى من بينهم متنهدا ,
ثم خلع نعليه من قدميه وراح يقطع الماء ٠ لن اعرف لاذا بدا المشهد بالسغ الاذلال
والاحتقار ٠ كالحيوانات , فكرت ؛ كالحيوانات ٠ ولكن عندما مرت بنا النساء مالت علينا
احداهن وتعلقت بكم قميمن شلومى وبكت امامه مستعطقة ٠ نفض شلومى يده يخلصها
منها » وراح يتلفت حوله يبحث عن مخرج » او ربما » مستسمها معاملتها برفق ٠ الا ان
يهودا الذي كان يقف'هناك ناسيا ثيابه الملطخة , صرخ بها بقسوة : « يالله , يالله ؛ انت
ايضا ! » ٠ اما هي فقد ارتعبث وذهبت ٠ وشلومى يعزي النفس , ولا ادري اكان يشرح »
ام كان يعلل : 1
« ما الذي كانت ستفعله هناك في القرية وحدها ؟000 ٠.
داهمتنا بعد ذلك امراة في حض نها رضيعة هزيلة » تتارجح كاداة لا نفع فيها » طفلة
غبراء اللون , نحيلة , عليلة ومتقزمة ٠ وكانت امها ترفعها باسمالها وترقصها أمامئا
متوسلة ٠ بلهجة ليست هي بالساخرة ولا هي بالحاقدة , كما ولا بالبكاء المجنون هي ,
وانما هي » قد تكون , كلها معا : « أتريدونها ؟ خذوها , خذوها لكم ! » ٠ تجهمنا
بامتعاض ؛ فرأت في ذلك ربما نجاها فتابعت ترقص ذلك المخلوق التعيس » المقمسسط
بالاسمال الملطخة بالغائط » في احدى يديها » وتريت بالاخري على صدرها : « هاا هي
خذوها اطعموها خبزا , خذوها لكم ! » الى ان حزم احدثا امره وصرخ يها : « يالله ,
يالله » » وهو يرفع يده لا اعرف لاذا فتراجعت بينهن ضاحكة وياكية تغوص في
البركة وهي لا تزال ترقص طفلتها بين يديها » تضحك حينا وتبكي آخر ٠
« انهم كالحيوانات ! » قال لنا يهودا شارحا ٠ فلم نعقب بشيم ٠
جمعوا النساء كلهن في شاحنة اخرى وهن يصرخن وينتحبن ؛ فلم يحسد احد منا
اولئك المكلفين بهن ٠ وكان ثمة من يقف من الشباب بالقرب من الشاحنة صارخا بالمقابل
بأنه لا ينبغي عليهن ان ينتحبن ما داموا لا يفعلون بهن شيئًا » بل يالخذونهن الى ازواجهن*
وسواء كانت لغته العربية غير مقهومة , اى ان تفسيراته لم تقبل , فان العويل والبكساء
كانا قد ازدادا » وانهلن عليه كلهن , وقد فتح الباب لهن » بسبع وسبعين شكوى واحتجاج
وتهمة وتوسل ورجاء » الى ان تراجع مرتبكا ٠ ولم ينقذه من ورطته هذه غير الددرخة
التي اطلقها احدنا عليهن يسكتهن ٠
مر بنا بعد ذلك عدة رجال آخرين دون ان ينبسوا ببنت شفة ودون ان ينظروا الينا ٠ - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 87-88
- تاريخ
- فبراير ١٩٧٩
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 39589 (2 views)