شؤون فلسطينية : عدد 188 (ص 17)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 188 (ص 17)
- المحتوى
-
عمر سعادة
الاسلحة النارية فيه. وهذا الوضع يفرض على الكيان الصهيوني جملة من القيود التي تمنعه من
التوسع في استخدام الاسلحة النارية؛ في مواجهة مدنيين غالبيتهم من الفتيان والنساء.
أن مصطلح «القيود على استخدام القوة» الذي يترددء بكثرة؛ في الادبيات الاسرائيلية» والغربية,
المواكبة للانتفاضة, ينطوي على محتوى اخلاقي وسياسيء يتصل بموقف الرأي العام الداخلي»ء
والعالمي. من استخدام الدولة للقوة العسكرية في مواجهة مدنيين عزّل. وغالباً ما تمتنع الدول عن
الافراط في استخدام القوة ضد المدنيين التابعين لهاء أى الخاضعين لسيطرتهاء وذلك التزاماً بالمواثيق
والاعراف الدولية» من جهة؛ وتحاشياً لردوب الفعل الدولية» والرسمية والشعبية, التي قد تضر بمصالح
الدولة: أى بصورتهاء من جهة أخرى.
أما في الحالة الاسرائيلية الراهنة» فان الرادع الاخلاقي يحتل حيّاً هامشياً بين جملة الاعتبارات
التي تمنع الاسرائيليين من التوسع في استخدام القوة العسكرية ضد المواطنين الفلسطينيين في
الضفة والقطاع. ويبدى ان الاعتبار السياسي يشكل رادعاً أكبر بالنسبة الى اسرائيل» التي تخشى من
ردود فعل دولية مؤشرة» في حال تماديها في عمليات القتل والتدمير التي تمارسها ضد الجماهير
الفلسطينية في الوطن المحتل . غير ان ثمة عامل أكثر اهمية من العاملين» السياسي والاخلاقيء ريما
كان الرادع الرئيس الذي يمنع اسرائيل من توظيف كامل ثقلها العسكري في مواجهة الانتفاضة
الفلسطينية؛ وهو احتمال التصحيدا المضاد لادوات الصراع من الجانب الفلسطيني. فأجهزة الامن
الاسرائيلية تدرك ان لدى الفلس طينيينء في الضفة وقطاع غزة, كميات محدودة من الاسلحة
والمتفجرات(١'). وان المزيد من الضغط عليهم من شأنه ان يدفع عدداً من الشبان الى استخدام
الاسلحة النارية. وعلى الرغم ان ما يملكه الفلسطينيون من اسلحة, داخل المناطق المحتلة, لا يكفي
لادارة صراع عسكري طويل ضد الكيان الصهيونيء الآ انه يكفي لخلق حالة من الارتباك» ليس لدى
الاوساط العسكرية الاسرائيلية فحسب, بل لدى الرأي العام الاسرائيلي. كتب يوثيل ماركوس: «انني
ارتعد من اليوم الذي سيبدا فيه سكان المناطق [المحتلة] باطلاق العيارات النارية. اليوم الذي
يتحولون فيه عن الاضرابات والتظاهرات واشعال الدواليب؛ عن رشق الحجارة» والقاء النجاجات
الحارقة؛ عن الطعن بالسكاكين؛ الى استخدام الاسلحة النارية. وكون الامر لم يحصلء بعد؛ ليس
الضمان انه لن يحصل. فان ما جرىء: أيضأاًء لم ذكن نتوقعه»(07).
وبالمقايل» فان الفلسطينيين في المناطق المحتلة لا يجدون أنفسهم مضطرين الى تصعيد اساليب
الصراع واداوته, الى الحد الذي يمنح الجيش الاسرائيلي «مشروعية» ممارسة القتل الجماعي والتدمير
الشاملء تحت ذريعة «الرد على النيران بالمثل», خاصة وان الوتيرة الحالية للصراع تتناسب مع
الامكانات الفلسطينية المتاحة» وتستجيب لأهداف النضال الوطني القلسطيني الى حد كبير؛ كما انها
تسجّل» على الصعيد السياسي, وعلى صعيد الرأي العام العالمي» نقطة لصالح الطرف الفلسطيني.
وهكذاء فقد استقر الصراع, كما يبدى, عند نقطة تقاطع الارادتين» الفلسطينية والاسرائيلية. وهي
النقطة التي تجعل الصراع فوق مستوى المقاومة المدنية» ودون مستوى المواجهة العسكرية التقليدية.
ولأن هذا المستوى من الصراع ينسجم, الى حد كبير مع امكانات وشروط الطرف الفلسطيني» فان
استمراره يؤكد قدرة الفلسطينيين داخل الوطن المحتل على التحكم بمستويات الصراع, وفق
اعتباراتهم الوطنية. فالفلسطينيون يسجلون النقاط في صراع طويل» يدركون أنهم لا يستطيعون,
حالياً. حسمه بالضربة القاضية. أما في الجانب الاسرائييء فان هذا المستوى من الصراع لا
1 تون فلسطنية العدد 18, تشرين الثاني ( توفمبر) 154 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 188
- تاريخ
- نوفمبر ١٩٨٨
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 10662 (4 views)