شؤون فلسطينية : عدد 194 (ص 10)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 194 (ص 10)
- المحتوى
-
ل الانتفاضة في إطارها الاستراتيجي
وكانت الفكرة عينها عرضت لبعض قيادات المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال النازي في النصف
الاول من الاربعينات. غير ان هذا التوجّهء أي الارهاب؛ أبعد كأسلوب في مواجهة الاحتلال؛ على
أساس أنه يفضي الى الانتقام. وكلاهما يخرجان عن داثرة الهدف, الذي يجب ان تكون المسيرة اليه
منظمة, وان تكون القيادة قادرة على تحويل العنف الكامن الى قوة فعّالة ومعيّأة وسياسية . وفي غير هذا
الحالء ينقلب العنف الكامن ضصد الاحتلال الى فوضى وعفوية» وتضيع قدراته هدراً وهباء.
وثمّة رأي يقول أن امتلاك الانتفاضة بنادق يعني ان يلعب المنتفضون لعبة اسرائيل ذاتها التي
ستمتلك» دائماًء بندقيتين ومدفعاً وطائرة, كلما امتلك الفلسطينيون بندقية. فالولايات المتحدة جاهزة
لأن تفعل ذلك بكرم وطيب خاطر. ويرى أهل هذا الرأي ان الدخول في هذه المبارزة يندرج في منطق
السحق العسكري الذي تهوى اسرائيل ممارسته. وينتهون الى ان الصدور العارية للفتيان
الفلسطينيين الذين يرمون الحجارة, لا تستطيع اسرائيل ان تجد لها ردّاً. وذلك هو الحل الوحيد ء طويل
المدى, الذي يمكن ان يُهير اسرائيل.
هذا الدرس وعته قيادة الانتفاضة:؛ واستوعبت مغزاه. حين أبعدت العنف من عمليّاتها
وتكتيكاتهاء وتجنّيت ان يكون هدفها القضاء المادي على الحدى في كل مواجهة معه. وأخذت بأسلوب
معاوية بن أبي سفيان في تعامله مع الناسء يوم ان ضرب مثلاً بالشعرة التي تربطه بهم؛ فان هم شدّوا
الشعرة أرخاهاء وان هم أرخوها شدّها الى نقفسه.
ودون أن نأخذ بهدف معاوية في حكمته هذهء نقول ان الانتفاضة: وقد اتخذت من المصابرة
والمساجلة والانهاك واستنفاد القوى أسلوياً استراتيجياً في العمل لم تستخدم سلاح العنفء أي
سلاح القتل والاماتة» ولا هي لجأت الى أسلوب الاغتيال, وانما هي أقرب الى اللاعنف الايجابي, الذي
يعبّر عن ارادته بالحركة؛ ولى أدت هذه الارادة المتحركة الى تحميل ابنائها القتل بالرصاصء وا موت
فداءء وتكسير العظام» وسحي العدو الى تدمير منجزات الشعبء وتاريخه؛ وهويّته .
وان أية مقارنة في مجال العمليات والتكتيك تجرى بين الانتفاضة وثورات التحرر الوطني
الأخرى, كالثورتين الفيتنامية والجزائرية, لا تدخل في نطاق المنطق وطبيعة الأمور. ذلك اننا كما
أشرنا الى ذلك منذ قليل تجاه خواص انفردت بها الانتفاضة:؛ وتميّزت» حتى أصبح طابعها في
العمليات والتكتيك مستقلاًء أ خاصاً بها دون غيرها.
ففى حين تلتقي الانتفاضة والقورتان, الفيتنامية والجزائرية» في دائرة الاستراتيجية العامة
والأهدافء تختلف الانتفاضة عنهما في مجالات العمل الميداني. فاذا كانت الثورتان» الفيتنامية
والجزائرية: مزجتا بين أساليب الحرب الثورية وعمل العصابات وأساليب عمل القوات النظامية,
واستخدمت المجموعات المقاتلة, التي بلغت حيناً حدّ السريّة والكتيبة؛ وتوسّعتا في الاعمال القتالية
ضمن خماة متكاملة للعمليات: بغية استنزاف قدرات العدىء مادياً ومعنوياً؛ في مرحلة زمنية طويلة,
حتى يأتي الوقت الذي يفقد فيه الخصم حرية عمله العسكري والسياسيء فتنتقل المبادآة الى أيدي
قوات الثورة: التى تصعّد عملياتها بتسارع وعنف يصلان بالحرب الثورية الى نهايتها الحاسمة؛ اذا
فعلت الشورتان,؛ الفيتنامية والجزائرية» ذلك؛ فان الانتفاضة الفلسطينية بدات باعداد المجتمع
الفلسطينى كله لينتفض معبّراً عن ارادته في التحرر والاستقلال, متسلّحاً بأسلوب يجعل العدى غير
قادر على استخدام قواته المسلّحة, الا ضمن حدود ضيّقة وتحت سقف محدّد.
واذا ما أردنا ان نقارن بين الانتفاضة, كأسلوب نضاليء وبين الأساليب التي استخدمتها
العدد 154 آياد ( مايى) 1944 لثثون فلصطلية 4 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 194
- تاريخ
- مايو ١٩٨٩
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 10636 (4 views)